Page 251 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 251
249 ثقافات وفنون
سينما
يصب لنفسه كأ ًسا من الليمون لارس فون ترير التام بما يفعله وما يرغب في
ليجرعه دفعة واحدة أي ًضا ،وكأنه تقديمه لل ُمشاهد ،ليترك عليه
بوضوح في حفل الزفاف الذي في النهاية الأثر الذي يريده هو
يرد على تيري ،هنا ،وتصعي ًدا كان بمثابة المُقابلة الواضحة
للتحدي والمُقابلة بين العالمين ك ُمخرج.
يقوم تيري بسحق «كان» البيرة بين الحياة والموت ،بين التمسك إذا كان المُخرج في مشهديه
بكفه؛ فتتصاعد وتيرة التحدي بالحياة والاستمتاع بها ،في ُمقابل الأولين من فيلمه قد حرص على
من رجل الدين الذي يمسك كوب الإعراض عنها والزهد فيها باسم تقديم بيس -من خلال أدائها
الليمون الزجاجي الفارغ في كفه الدين؛ حيث نرى رفاق يان ،ممن الطفولي -باعتبارها ُمجرد امرأة
ضاغ ًطا عليه بقوة إلى أن ينكسر تتعامل مع الحياة بطفولية وبراءة
رغم انغراس الزجاج في لحمه! يعملون معه على ظهر سفينة فائقتين بشكل لا يمكن احتماله
إنه التعبير البصري عن فكرة التنقيب عن البترول ،يعزفون لفرط عذوبته ،فهو في المشهد
الموسيقى ،ويتبادلون المشروبات الأول من الفصل الأول يحرص
رفض رجال الدين للحياة، الكحولية راقصين ،بينما نرى على التكريس الكامل لذلك حينما
وصلفهم الشديد تجاهها وتجاه أهل القرية /أهل بيس من رجال نراها ُمرتدية لفستان زفافها
الدين وغيرهم يراقبونهم رافضين بينما يبدو عليها الغضب الشديد؛
كل من يرغب في الاستمتاع إياهم ،شاعرين تجاههم بالقرف بسبب تأخر يان عن الوصول،
بها؛ حيث يرون دائ ًما أن الحياة والاشمئزاز الذي لا دا ٍع له! ولعل لكنه حينما تصل طائرته العمودية
المشهد الذي نرى فيه تيري -قام التي تنقله للحفل نراها تسرع إليه
ليست لل ُمتعة ،بل لخدمة الله! بدوره المُمثل الفرنسي الأصل لتضربه بغضب شديد وطفولي في
كما أن الجنس ليس لل ُمتعة ،بل الأمريكي الجنسية Jean Marc صدره ثم لا تلبث أن تختبئ في
للإنجاب ،فض ًل عن أن الغرباء Barrجان مارك بار -يشرب حضنه بحب ،و ُسرعان ما تخرج
«كان» البيرة دفعة واحدة بينما منه مرة أخرى لاستكمال التعبير
غير ُمرحب بهم في ُمجتمعهم يتابعه جد بيس /رجل الدين عن غضبها الطفولي بضربه ثانية.
المُغلق؛ لأنهم يأتون إليهم بعادات الجالس بجواره ُمشمئ ًّزا من خير إن هذا السلوك الطفولي منها
ومفاهيم ُمنفتحة و ُمختلفة تما ًما المشاهد المُعبرة عن هذه الإدانة، رغم محاولة أرملة شقيقها دودو
أو المُقابلة بين عالمين ُمختلفين -قامت بدورها المُمثلة الإنجليزية
عما يؤمنون به! أي أن الغرباء تما ًما؛ فنرى رجل الدين بعدما Katrin Cartlidgeكاترين
يضربونهم في عمق أفكارهم التي ينتهي تيري من ُشرب بيرته كارتليدج -منعها من مواجهة
تمثل ،في حقيقتها ،سبب وجودهم الزوج عند وصوله -حيث
تقول التقاليد إنه من النحس
ومكانتهم في ُمجتمعاتهم! رؤية الزوجة لزوجها قبل إتمام
سنكتشف أن نشأة بيس في مثل الزواجُ -يدلل على عدم اهتمام
هذا المُجتمع الشديد الإغلاق قد بيس بأي شيء سوى رغباتها
جعلها ما زالت عذراء حتى لحظة الآنية ،وشعورها الذي يتولد في
زواجها ،وهو ما قدمه لنا المُخرج التو ،وهو ما يؤكد على امتلاكها
لكل سمات الطفولة البريئة في
بشكل فيه الكثير من التلقائية
البعيدة عن العمدية التلفيقية تفكيرها وتصرفاتها.
في تقديم المعلومة حينما تجذب إن رغبة المُخرج في إدانة هذا
بيس زوجها أثناء حفل الزواج المُجتمع المُتدين المُغلق تتبدى لنا
لتدخل به إلى الحمام خالعة
لسروالها الداخلي وهي ما زالت
بفستان زفافها لتقول له ببراءة
طفولية :احصل عليَّ الآن! هنا
يشعر يان بالكثير من الدهشة
ليتساءل :هنا؟ ربما تريدين مكا ًنا

