Page 249 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 249

‫‪247‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫سينما‬

                     ‫المحمولة‪.‬‬      ‫المشهد الأول هي لجوء المُخرج‬            ‫بصرامة عن الرجل الذي ترغب‬
     ‫إذن‪ ،‬فنحن هنا أمام ُمخرج‬      ‫لاستخدام الكاميرا المحمولة على‬         ‫في الزواج منه‪ ،‬فيسألها أحد الآباء‬
  ‫يعي جي ًدا كيف يؤسس لفيلمه‬                                               ‫بسخرية‪ :‬هل تستطيعين إخبارنا‬
  ‫ويجعله يترك أثره الذي يرغبه‬        ‫الكتف في تصوير فيلمه‪ ،‬وهي‬
 ‫على ُمشاهده؛ الأمر الذي يجعله‬      ‫أسلوبية في التصوير قد ُتكسب‬            ‫ما هو الزواج؟ لترد عليه ببراءة‪:‬‬
‫قاد ًرا على الاستحواذ الكامل على‬  ‫المُشاهد الكثير من الشعور بالقلق‬           ‫عندما يجتمع اثنان تحت كلام‬
  ‫المُشاهد‪ ،‬فض ًل عن الاستحواذ‬     ‫والتوتر‪ ،‬لكن ترير هنا لم يقصد‬                                     ‫الله!‬
  ‫الآخر الموازي الذي سنشاهده‬                                                 ‫نعرف من خلال المشهد الأول‬
 ‫على الشاشة أمامنا من قبل يان‬         ‫هذا الشعور بالتوتر‪ ،‬بل لجأ‬              ‫رغبة بيس في الزواج من يان‬
 ‫تجاه بيس‪ ،‬حتى لكأنه نجح في‬         ‫إلى التصوير بالكاميرا المحمولة‬             ‫‪-‬قام بدوره المُمثل السويدي‬
   ‫نهاية الأمر في عملية الإحلال‬                                               ‫‪ stellan skarsgård‬ستيلان‬
    ‫بين الاستحواذ على الشاشة‪،‬‬          ‫ليضفي على الفيلم إحسا ًسا‬             ‫سكارسجارد‪ -‬الذي يعمل على‬
 ‫والاستحواذ خارجها من خلال‬         ‫وثائقيًّا ُمزي ًفا‪ ،‬أي أن المُشاهد في‬      ‫ظهر إحدى ال ُسفن المُنقبة عن‬
                                  ‫قرارة نفسه سيشعر بأنه يشاهد‬                ‫البترول في بحر الشمال؛ لذلك‬
                      ‫المُشاهد!‬     ‫فيل ًما تسجيليًّا‪ ،‬أحداثه حقيقية‪،‬‬          ‫يرفض آباء الكنيسة زواجها‬
  ‫لكن لارس فون لا يكتفي بهذه‬       ‫حدثت بالفعل على أرض الواقع‪،‬‬
 ‫الأسلوبية التي يقدم بها فيلمه‪،‬‬   ‫وهو ما يجعل الفيلم أكثر حميمية‬            ‫منه؛ حيث تعيش بيس في إحدى‬
‫بل يوغل أكثر فيها بتقسيم فيلمه‬    ‫والتصا ًقا بمشاعر المُشاهد؛ نظ ًرا‬        ‫قرى اسكتلندا المُنغلقة تما ًما على‬
                                    ‫لشعوره بواقعية ما يراه أمامه‬
                                  ‫على الشاشة بسبب تأثير الكاميرا‬             ‫نفسها‪ ،‬والتي لا يفعل ُسكانها‬
                                                                               ‫سوى عبادة الله في الكنيسة‬

                                                                             ‫بشكل أصولي جامد تما ًما‪ ،‬بل‬
                                                                           ‫ويرفضون تواجد الغرباء بينهم‪،‬‬
                                                                           ‫كما لا يفوتنا للوهلة الأولى الأداء‬
                                                                          ‫المُذهل لل ُممثلة إميلي واتسون التي‬
                                                                          ‫برعت في تقديم شخصية بيس في‬
                                                                           ‫شكل ُموغل في البراءة والطفولية‬
                                                                          ‫والسذاجة‪ ،‬حتى أننا سنلحظ هذه‬
                                                                           ‫الطفولية البريئة على كل قسمات‬

                                                                             ‫وجهها‪ ،‬لا سيما حركة العينين‬
                                                                           ‫اللتين عبرتا خير تعبير عن طفلة‬
                                                                            ‫في جسد أنثى بالغة‪ ،‬كما نجحت‬
                                                                            ‫المُمثلة كثي ًرا في التعبير عن هذه‬

                                                                                ‫الطفولية من خلال حركات‬
                                                                          ‫الجسد بالكامل‪ ،‬والتفاتاتها؛ الأمر‬

                                                                            ‫الذي أقنعنا ُمنذ مشهدها الأول‬
                                                                               ‫بمدى براءتها وطفوليتها في‬

                                                                            ‫التعامل مع كل شيء في الحياة‪،‬‬
                                                                              ‫وهو الأمر الذي تستحق عليه‬

                                                                            ‫المُمثلة العديد من الجوائز في فن‬
                                                                          ‫الأداء التمثيلي‪ .‬لكن المُلاحظة الأهم‬

                                                                            ‫التي لا يمكن لها أن تفوتنا ُمنذ‬
   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254