Page 254 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 254

‫العـدد ‪34‬‬                           ‫‪252‬‬

                                      ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

   ‫بإصابة خطيرة تجعله مشلو ًل‬            ‫التقويم اليومي لتحسب الأيام‬      ‫صالحة‪ .‬لترد عليه بخوف وبراءة‪:‬‬
 ‫من أسفل رأسه حتى قدميه‪ ،‬أي‬              ‫التي مرت عليها بعي ًدا عن يان‬        ‫أعدك أن أكون امرأة صالحة!‬
‫أن مشهد الحوار مع الله والجملة‬             ‫وتستطيع معرفة اليوم الذي‬
‫الأخيرة التي رد بها على بيس إنما‬        ‫سيعود إليها فيه‪ ،‬وهو ما يجعل‬       ‫ألا ُنلاحظ هنا أن بيس لديها من‬
‫ُتدلل ُمؤكدة على أن الله ُمجرد إله‬     ‫دودو تسرق التقويم منها‪ ،‬إلا أن‬     ‫الانقسام النفسي ما يجعلها ُتدرك‬
                                       ‫بيس تطلبه منها باكية مما يجعل‬      ‫الأمور جي ًدا؟ فهي من تقلد صوت‬
   ‫ُمتلاعب قاس يتلاعب بمشاعر‬            ‫دودو تقول لها‪ :‬بيس‪ ،‬يجب أن‬
‫البشر ورغباتهم وحيواتهم‪ ،‬حتى‬          ‫توقفي كل هذا‪ ،‬يجب أن تستمري‬            ‫الله ليرد عليها‪ ،‬وهي أي ًضا من‬
‫أنه ُيعيد يان إلى بيس حينما طلبت‬      ‫بالعيش عندما لا يكون هنا‪ ،‬أعني‬      ‫تتحدث إليه‪ ،‬أي أنها ُتدرك بشكل‬
                                         ‫أنه لم يمت‪ ،‬فلم تموتين أنت؟!‬      ‫كامل ‪-‬من خلال رد الله‪ -‬حقيقة‬
  ‫منه‪ ،‬لكنه يعيده إليها مشلو ًل لا‬                                         ‫أفعالها وما إذا كانت لائقة أم لا‪،‬‬
   ‫قيمة له في الحياة وكأنه ينتقم‬              ‫إن هذه الحالة من العشق‬       ‫وهو ما يؤكد انقسامها النفسي‪،‬‬
  ‫منها؛ لإلحاحها‪ ،‬وعدم مقدرتها‬           ‫الاستحواذي الذي جعل الحياة‬       ‫أو الحالة الذهانية التي تغرق فيها‬
  ‫على احتمال ابتعاد زوجها عنها!‬         ‫أمام غياب الزوج وكأنها ُمنتفية‬
     ‫يقطع المُخرج مرة أخرى على‬        ‫تما ًما هي ما تجعلها تعود للحديث‬       ‫نتيجة التربية الكنسية القاسية‬
                                        ‫مع الله لتطلب منه عودة الزوج؛‬          ‫التي نشأت عليها بين رجال‬
       ‫شاشة ثابتة ليكتب عليها‪:‬‬        ‫ليرد عليها بصرامة‪ :‬بيس مكنيل‪،‬‬
 ‫‪Chapter Four: Jan’s Illness‬‬                                               ‫الدين‪ ،‬وهو الأمر الذي يدين هذا‬
‫مرض يان‪ ،‬حيث نرى بيس حينما‬                ‫لعدة سنوات صلي ِت من أجل‬            ‫المُجتمع القاسي الذي يرى أن‬
 ‫يخبرها قس الكنيسة بأن زوجها‬           ‫الحب‪ ،‬هل آخذه منك ُمجد ًدا؟ هل‬
                                                                            ‫الأديان ُمجرد تعليمات يرهبون‬
      ‫قد تعرض لحادث على ظهر‬             ‫هذا الذي تريدين؟ فترد بخوف‬                           ‫بها الآخرين‪.‬‬
  ‫السفينة فتومئ برأسها صامتة‬               ‫ُمتضرع‪ :‬ك َّل‪ ،‬ما أزال ُممتنة‬
  ‫ثم لا تلبث أن تقع ُمغشيًّا عليها‬                                             ‫يبدأ المُخرج من خلال القطع‬
 ‫ب ُمجرد محاولة التفاتها وعودتها‬      ‫للحب‪ .‬فيسألها‪ :‬ماذا تريدين إذن؟‬        ‫المونتاجي ُمتابعة حياة يان على‬
   ‫إلى داخل المنزل؛ مما ُيدلل على‬     ‫فتقول‪ :‬أصلي من أجل عودة يان‪.‬‬        ‫ظهر السفينة تارة‪ ،‬وحياة الوحدة‬
 ‫أنها لن تستطيع احتمال ما حدث‬                                             ‫التي تعاني منها بيس تارة أخرى‬
‫لزوجها؛ لذا نراها حينما تصل إلى‬           ‫ليرد‪ :‬سيعود بعد عشرة أيام‪،‬‬
‫المشفى في حالة هستيرية لا يمكن‬         ‫يجب أن تتعلمي التحمل‪ ،‬تعرفين‬           ‫بشكل متوا ٍز؛ فنرى يان أثناء‬
   ‫السيطرة عليها‪ ،‬راغبة في رؤية‬         ‫هذا جي ًدا‪ .‬لكنها تقول وهي على‬    ‫عمله على ظهر السفينة‪ ،‬ومحاولته‬
 ‫زوجها‪ ،‬بل والبقاء معه في غرفة‬        ‫وشك البكاء‪ :‬لا أستطيع الانتظار‪.‬‬     ‫عدم نسيان زوجته بالاتصال بها‬
   ‫العمليات لمُراقبته أثناء وجوده‬     ‫ليرد‪ :‬هذه ليست أنت بيس‪ ،‬هنالك‬
‫تحت أيدي الأطباء‪ ،‬وهو ما تسمح‬          ‫أناس يريدون يان في عمله‪ ،‬ماذا‬         ‫عبر الهاتف‪ ،‬حيث نرى مشه ًدا‬
  ‫لها به دودو إشفا ًقا عليها حيث‬                                               ‫ُيدلل فيه المُخرج على العشق‬
‫توافق بوقوفها خلف زجاج غرفة‬              ‫عنهم؟! فتقول‪ :‬لا يهمونني‪ ،‬لا‬          ‫الغريب الذي تشعر به بيس‬
 ‫العمليات لمُراقبة زوجها‪ ،‬وحينما‬        ‫شيء آخر يهمني‪ ،‬أريد أن يأتي‬           ‫تجاه زوجها حينما تذهب إلى‬
‫يطلب الطبيب ُمقابلتها يخبرها أن‬        ‫يان فحسب‪ ،‬أتضرع إليك‪ ،‬رجاء‬
‫الحياة أحيا ًنا لا تستحق أن ُتعاش‬       ‫أعده لي‪ .‬فيرد عليها الله بخبث‪:‬‬      ‫كابينة الهاتف الوحيد في القرية‬
‫فتسأله‪ :‬هل سيعيش يان؟ ليقول‪:‬‬          ‫هل أنت واثقة مما تطلبين؟ لتقول‪:‬‬      ‫ُمنتظرة ُمهاتفته لها‪ ،‬ولأنه تأخر‬
                                                                            ‫عليها تظل داخل الكابينة إلى أن‬
      ‫زوجك لن يتمكن من المشي‬                                     ‫نعم‪.‬‬     ‫يغلبها النوم‪ ،‬وحينما يدق الهاتف‬
  ‫ُمجددا‪ ،‬نعتقد أنه سيش ُّل تما ًما‪.‬‬   ‫هذا المشهد من المشاهد المحورية‬     ‫ُيصادف الأمر مرور قس الكنيسة‬
‫لكنها ترد بسعادة‪ :‬لكنه سيعيش‪.‬‬                                             ‫الذي يوقظها للرد على زوجها‪ ،‬أي‬
‫ليقول‪ :‬نعم‪ ،‬سيعيش على ما يبدو‪.‬‬              ‫المُهمة في الفيلم‪ ،‬حيث يقطع‬   ‫أنها لا يعنيها من العالم سوى هذا‬
                                      ‫المُخرج على يان على ظهر السفينة‬       ‫الرجل فقط الذي تحول بالنسبة‬
                                                                            ‫لها إلى عالم ُمغلق عليها لا يمكن‬
                                         ‫بينما يعمل مع زملائه ليحدث‬
                                           ‫انفجار فجأة ُيصاب فيه يان‬         ‫لها أن ترى ما هو خارجه؛ لذا‬
                                                                             ‫نراها كل يوم تضع علامة على‬
   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259