Page 243 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 243

‫إن قناعتي الأكيدة بأن قصر نشاط المرأة‬                                        ‫أكثر مما يشغله الجواب‪.‬‬
 ‫على أمرين اثنين هما‪ :‬بيتها‪ ،‬وأنوثتها‪،‬‬                                ‫ومما هو قار في وجداني ح ًّقا أن‬
‫فيه الكثير الكثير من الإهانة للمرأة الفرد‪،‬‬                            ‫لكل مبدع رو ًحا وطبيعة تسمانه‬
 ‫لا سيما بعد أن تعلمت المرأة‪ ،‬وامتلكت‬
‫المعرفة‪ ،‬وأثبتت مواهبها وقدراتها في‬                                       ‫بخصوصية التمايز والتفرد‬
‫كل ما تصدت له‪ ..‬كما أن احتباس المرأة‬                                      ‫حتى ليكاد المرء يعرف بهما‬
                                                                       ‫أعني «الروح‪ -‬الطبيعة»‪ ،‬تما ًما‬
   ‫رهن محبسين هما البيت والأنوثة‪..‬‬                                      ‫مثلما يعرف نصه بهما أي ًضا‪،‬‬
 ‫فيه الكثير الكثير من الإهانة للمجتمع‬                                    ‫أن لبنى كاتبة لا تشبه غيرها‬
  ‫الذي ينادي بالتشاركية‪ ،‬والاجتماعية‪،‬‬                                      ‫من الكاتبات النابهات‪ ،‬ذلك‬
                                                                       ‫لأنها أرادت أن تكون شجرة لا‬
           ‫والتفاعلية‪ ،‬والمساواة‬                                      ‫ظ ًّل‪ ،‬ونه ًرا دفو ًقا لا مسيل ماء‪،‬‬
                                                                       ‫وقد عرفت أن لديها من الموهبة‬
    ‫العاطفي‪ ،‬كل شيء في كتابة‬        ‫الترسيمة البيانية لمواضع النبل‬      ‫والمقدرة ما يؤهلها لكي تكون‬
‫لبنى ياسين يوحي بكتابة الفرد‬            ‫ومؤيداته‪ ،‬ومواضع النذالة‬      ‫صاحبة فرادة‪ ..‬لا صاحبة جهد‬
                                                        ‫وأسبابها‪.‬‬
   ‫الذي لا تشكل معاني الأنوثة‬                               ‫ثال ًثا‪:‬‬                 ‫وتأليف وحسب‪.‬‬
      ‫سوى جزء من تفصيلاته‬                                                                      ‫ثان ًيا‪:‬‬
     ‫وتوجهاته الكثيرة الغامرة‪،‬‬     ‫لبنى ياسين لا تكتب وهي راكعة‬
     ‫فالعقلانية تل ُّف كتابة لبنى‬    ‫على قدميها في حضرة الرجل‪،‬‬            ‫في كتابة لبنى ياسين يشعر‬
                                                                      ‫المرء حقيقة وهو يماشي قصتها‬
 ‫ياسين ل ًّفا‪ ،‬كي لا تقع أسطرها‬     ‫وإنما تكتب واقفة بتمام قامتها‪،‬‬
‫في بحيرات غواية الرجل المريض‬        ‫وقدرتها على المناددة بوصفهما‬        ‫بأن الكاتبة سليلة المدونة التي‬
                                                                      ‫حبرتها شهرزاد العباسية‪ ،‬فهي‬
                     ‫بذكوريته‪.‬‬          ‫كائنين تسري في عروقهما‬
  ‫أقول هذه الأمور الثلاثة بعدما‬           ‫معاني المساواة والإبداع‪،‬‬       ‫حكاءة ساحرة‪ ،‬أسطرها ذات‬
                                               ‫والقدرة على التفرد‪.‬‬         ‫طلاوة‪ ،‬وقدرتها على سرقة‬
    ‫قرأت المشروع الأدبي للبنى‬                                              ‫قارئها كبيرة‪ ،‬وكبيرة ج ًّدا‪،‬‬
    ‫ياسين كام ًل‪ ،‬والذي وجدته‬         ‫لا شيء في كتابة لبنى ياسين‬
    ‫يتطور يو ًما بعد يوم‪ ..‬مثلما‬         ‫يحمل عوالق العاطفة التي‬       ‫كيما يظل مشدو ًدا إلى أسطرها‬
‫يتطور مسار الشمس بالنهارات‬                                               ‫المحتشدة بالكوامن والأسرار‬
    ‫الكوامل ليس وع ًدا فحسب‪،‬‬           ‫تجر المرء إلى التبعية والنوم‬                ‫والدهشة الباطشة‪.‬‬
                                      ‫المسرنم اللاإرادي‪ ،‬ولا شيء‬          ‫إن الثنائيات التي تجدل من‬
       ‫وإنما بالفعل الذي تحبّره‬         ‫في كتابة لبنى ياسين اسمه‬        ‫الواقع عالمًا مؤلمًا من التناقض‬
    ‫أسطرها المحتشدة بالأسرار‬         ‫(الحب الأعمى) أو (الاستدراج‬            ‫العجيب‪ ،‬في صميم اهتمام‬
     ‫والمعاني‪ ،‬والمواهب الثقال‪..‬‬                                         ‫لبنى ياسين‪ ،‬لأن النوسان ما‬
                                            ‫الذكوري)‪ ،‬أو (الهوس‬          ‫بين الطيبة والوغدنة‪ ،‬والغدر‬
         ‫ليكون هو ملح الحياة‪..‬‬        ‫العاطفي)‪ ،‬كدت أقول الجنون‬         ‫والوفاء‪ ،‬والخوف والطمأنينة‪،‬‬
                                                                             ‫والحلم والواقع‪ ،‬والغربة‬
                                                                           ‫والحنين‪ ،‬والحزن والفرح‪،‬‬
                                                                            ‫والقبول والإدبار‪ ،‬والألفة‬
                                                                           ‫والهجر‪ ،‬والحب والكراهية‪،‬‬
                                                                         ‫والحضور والغياب‪ ..‬إلخ‪ ،‬هو‬
                                                                           ‫الواسم للحراك الاجتماعي‬

                                                                       ‫الذي تعيشه الشخصيات‪ ،‬وهي‬
   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247   248