Page 198 - merit 52
P. 198

‫العـدد ‪52‬‬                              ‫‪196‬‬

                               ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                       ‫الأخرى بانتصارات أبطالهم‬
                                                               ‫الفاتحين بينما يتغنى الصرب‬
  ‫الناجم عن الحرب من أجل‬          ‫كانت السماء مكا ًنا أوسع‬
  ‫خلق مشهد لمدينة محترقة‪:‬‬         ‫وأشد عص ًفا من أن يلعب‬             ‫بالجانب المأساوي من‬
                                                                ‫الحياة [‪ ]..‬يتمرد الشاعر في‬
      ‫«دخان أسود»‪ ،‬و»مدن‬                         ‫فيها ولد‪.‬‬      ‫«دائرة كوسوفو» ضد فكرة‬
   ‫محترقة»‪ ،‬و»أذرع ُصنعت‬            ‫والتقينا بكثير من أولئك‬
                                                                  ‫الانتصار التاريخي ذاتها‪.‬‬
      ‫من الدخان»‪ .‬قد ترتبط‬                 ‫الذين يشبهوننا‪.‬‬        ‫يبدو أنه يقول إن الهزيمة‬
    ‫السطور التي يقول فيها‬           ‫جميعهم كانوا يحاولون‬       ‫أكثر حكمة من النصر‪ .‬يواجه‬
    ‫الشاعر «كانوا يحاولون‬                                          ‫هؤلاء المخالفين للأعراف‬
    ‫ارتداء معاطفهم‪ /‬بأذرع‬                  ‫ارتداء معاطفهم‬         ‫في هذه القصائد لحظة من‬
                                    ‫بأي ٍد ُصنِعت من دخان‪.‬‬      ‫الوعي المأساوي‪ .‬إنهم يرون‬
      ‫مصنوعة من الدخان»‬        ‫كانت السماوات العالية مليئة‬
   ‫بأشخاص كانوا يحاولون‬                                              ‫البدائل بكل مضامينها‬
    ‫حماية أنفسهم ولكن من‬                    ‫بآذان منكمشة‬         ‫الأخلاقية‪,1997 ,Simic( .‬‬
   ‫دون جدوى‪ .‬تشير عبارة‬             ‫ص َّماء بد ًل من النجوم‪.‬‬
‫«أذرع ُصنعت من دخان» إلى‬            ‫(‪)3 .p ,1989 ,Simic‬‬                           ‫‪)1-110‬‬
‫معنى مزدوج‪ :‬فقد تشير إلى‬            ‫يستهل الشاعر قصيدته‬         ‫يمكن العثور على هذا الموقف‬
   ‫الأذرع المبتورة‪ ،‬والتي قد‬        ‫واص ًفا شخصية والدته‬
  ‫تشير إلى الأشخاص العزل‬             ‫كشخصية ضبابية من‬             ‫والمنظور في معظم قصائد‬
    ‫الذين تأذوا‪ ،‬أو قد تكون‬          ‫الدخان الأسود‪ .‬ويبدو‬        ‫نثر سيميك أثناء كتابته عن‬
   ‫إشارة إلى أسلحة الحرب‪.‬‬          ‫صوت الطفل متوت ًرا من‬         ‫سنواته الأولى التي عاشها‬
 ‫إن القصيدة بأكملها تتخللها‬    ‫خلال فكرة الأم الحامية التي‬      ‫خلال الحرب‪ .‬وهو يستخدم‬
                               ‫سيعيد الشاعر استخدامها في‬
     ‫صور خرافية‪ ،‬لكن يتم‬       ‫قصائد أخرى‪ ،‬كما هو الحال‬             ‫صوت الحكاية الشعبية‬
     ‫التشديد عليها في البيت‬    ‫في قصيدة «معجزة»‪« :‬أتذكر‬        ‫لسرد الصور العبثية والمذهلة‬
‫الأخير‪ ،‬عندما يخبرنا الشاعر‬       ‫أمي‪ /‬كانت ُتعصب عيني‬
     ‫عن السماء التي لم يعد‬     ‫كثي ًرا‪ /.‬لديها طريقة في دس‬       ‫لعالم غريب‪ ،‬كما يمزج بين‬
    ‫بها أي سطوع بعد الآن‪،‬‬      ‫رأسي‪ /‬فجأة تحت معطفها»‪.‬‬              ‫البطولي والرائع الذي لا‬
     ‫لأنها «تحتوي على آذان‬      ‫(‪)3-20 .p ,1980 ,Simic‬‬
  ‫منكمشة‪ /‬صماء قلي ًل بد ًل‬     ‫من وجهة نظر الطفل‪ ،‬كانوا‬        ‫يصدق‪« ،‬بصوت ينقل» ح ًّقا‬
 ‫من النجوم»‪ .‬قد توحي هذه‬           ‫جمي ًعا فوق النار الهائلة‪،‬‬    ‫«ما شاهده المتحدث وكيف‬
‫الصور السريالية بأنه لا أحد‬     ‫«فوق المدن المحترقة»‪ ،‬والتي‬     ‫يمكن حله أو حدوثه في عالم‬
  ‫يستمع إلى شجب معاناتهم‬           ‫تشير إلى فكرة الموت‪ :‬إن‬       ‫مثل عالمنا»‪Buckley qt.( .‬‬
       ‫وإدانتها‪ ،‬أو قد ترتبط‬       ‫خيار الذهاب إلى السماء‪،‬‬      ‫‪)100 .p ,1996 ,in Weigl‬‬
  ‫بأشخاص مشوهين بسبب‬             ‫وهو ما يعني الموت‪ ،‬يكون‬          ‫في قصيدة النثر الأولى في‬
    ‫القنابل والقنابل اليدوية‪.‬‬  ‫أحيا ًنا هو المخرج الوحيد من‬     ‫هذا الديوان‪ ،‬يتحدث سيميك‬
‫وبالإضافة إلى فكرة التشوه‪،‬‬                                         ‫بجمل تصريحية مباشرة‬
   ‫يشير هذا البيت أي ًضا إلى‬                       ‫الحرب‪.‬‬      ‫لكي يصف مشه ًدا من مكانه‬
 ‫جو الخوف المتضمن في هذا‬          ‫توجد هناك عائلات أخرى‬
                                ‫تختلط أي ًضا بسحابة الغبار‬          ‫أثناء الحرب‪ ،‬ويتحد فيه‬
                    ‫المشهد‪.‬‬    ‫الناجمة عن المحرقة العظيمة‪،‬‬         ‫منظور الطفل مع منظور‬
 ‫من أجل وصف هذه اللحظة‬           ‫مما يعني أن الجميع يعيش‬            ‫الشخص البالغ كما يلي‪:‬‬
                                ‫أهوال الحرب‪ُ .‬ي َشبِّه الشاعر‬   ‫كانت أمي ضفيرة من دخان‬
   ‫الفوضوية والمربكة‪ ،‬جعل‬
  ‫سيميك هذه القصيدة غنية‬            ‫الناس بالدخان الأسود‬                            ‫أسود‪.‬‬
                                                                  ‫حملتني ُمق َّم ًطا فوق المدن‬

                                                                                 ‫المحترقة‪.‬‬
   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203