Page 201 - merit 52
P. 201

‫‪199‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫حاول السيطرة على الحرب‪،‬‬            ‫أي ًضا في قصيدة أخرى ُت ْظ ِهر‬             ‫ما قام به جنود نابليون‬
   ‫ولكن بمجرد أن اشتعلت‪،‬‬            ‫صبيًّا‪ :‬يا للولد الأحمق‪ ،‬إنه‬             ‫بونابرت ذات مرة‪ ،‬يتقهقر‬
   ‫اكتسبت مسا ًرا خا ًّصا بها‬       ‫يمسك وحش نهاية الكون‬
          ‫َص ُع َب التحكم به‪.‬‬                                                  ‫الشاعر أي ًضا مبتع ًدا عن‬
   ‫يمكننا اعتبار أن القصيدة‬         ‫(الأبوكاليبس) من ذيله! يا‬              ‫عاصمة روسيا‪ .‬خلال مائتي‬
  ‫تحتوي على ثلاث حركات‪:‬‬             ‫لهذه اللُحى المشتعلة‪ ،‬بدا‬
                                                                               ‫عام‪ ،‬القصة هي نفسها‪:‬‬
 ‫أولاها تتميز بقدوم الوحش‬           ‫قدرنا محتو ًما‪ .‬كانت المباني‬            ‫طاغية يحاول السيطرة على‬
    ‫مما يعكس بداية الحرب‪.‬‬           ‫تترنح؛ وشاشات الحاسوب‬                  ‫العالم كله‪ ،‬والناس مجبرون‬

  ‫وثانيها هي أفعال الوحش‪،‬‬           ‫مظلمة مثل خزائن جدتنا‪ .‬كنا‬                ‫على التقهقر حسب أماكن‬
 ‫أو ذروة الحرب‪ .‬أما الحركة‬                                                  ‫المعارك‪ .‬وعلى طول الطريق‪،‬‬
                                    ‫مذعورين للغاية حتى أننا‬                  ‫يشير التضاد بين «أشجار‬
     ‫الثالثة فهي نتائج أفعال‬
    ‫الوحش‪ ،‬ألا وهي‪ ،‬الدمار‬          ‫غير قادرين على الابتهال‪.‬‬                    ‫البتولا» و»الوحل حتى‬
     ‫وذعر البشر «بدا قدرنا‬                                                 ‫ركبتي» إلى الرحلات الطويلة‬
                                    ‫مائة عام أخرى ذهبت إلى‬
                  ‫محتو ًما»‪.‬‬                                                  ‫التي قام بها هذا الجندي‪.‬‬
  ‫يمزج سيميك بين العناصر‬            ‫الجحيم‪ ،‬ولكن لماذا؟ فقط لأن‬               ‫وفي السطور الأخيرة من‬
  ‫الواقعية الحديثة والحقائق‬                                                ‫الجزء الأول‪ ،‬يعرض الشاعر‬
                                    ‫بعض الناس لا يعرفون كيف‬                    ‫النتائج القاسية للحرب‪:‬‬
    ‫الإنجيلية لتصوير مشهد‬
    ‫الدمار‪ :‬اللُحى «المشتعلة‪،‬‬       ‫ير ُّبون أطفالهم! (‪,SIMIC‬‬                         ‫البؤس والتشوه‪.‬‬
                                    ‫‪)11 .p ,1989‬‬                               ‫بينما ُيق ِّدم الجزء الثاني‬
        ‫كانت المباني تترنح؛‬                                                 ‫من القصيدة صورة لنهاية‬
‫وشاشات الحاسوب مظلمة»‪،‬‬              ‫يستهل سيميك هذه القصيدة‬                 ‫الحرب العالمية الثانية‪ .‬فإلى‬
                                                                              ‫جانب الإشارة إلى الطرق‬
   ‫تشير العبارة الأخيرة إلى‬         ‫مستخد ًما إشارة مأخوذة‬
‫فكرة أنه‪ ،‬بعد مرور أكثر من‬          ‫من العهد الجديد‪ ،‬والتي‬                       ‫الحقيقية التي اتخذها‬
‫نصف قرن على نهاية الحرب‬                                                      ‫الجنود في رحلتهم الطويلة‬
 ‫العالمية الثانية‪ ،‬التاريخ يعيد‬     ‫تروي قصة الوحش الذي‬
                                                                                 ‫بعد الحرب‪ ،‬قد تشير‬
     ‫نفسه‪ .‬وإلى جانب فكرة‬           ‫سيخرج من البحر ليقضي‬                    ‫«الطرق» أي ًضا إلى مسارات‬
   ‫الذعر‪ ،‬هناك إشارة إلى أن‬          ‫على البشرية‪ :‬الوحش أُ ْع ِط َي‬          ‫إيديولوجية مختلفة تقسم‬
 ‫الناس كانوا مقهورين للغاية‬         ‫ف ًما يتكلم بعظائم وتجاديف‪..‬‬
                                    ‫ففتح فمه بالتجديف على‬                     ‫العالم منذ ذلك الحين‪ ،‬ألا‬
     ‫بحيث لا يمكنهم الجدال‬                                                      ‫وهي‪ :‬الكتل الاشتراكية‬
      ‫لصالح قضيتهم‪« :‬كنا‬            ‫الله‪ ،‬ليجدف على اسمه‪ ،‬وعلى‬
                                                                           ‫والرأسمالية‪ ،‬وانقسام ألمانيا‪.‬‬
   ‫مذعورين للغاية حتى أننا‬          ‫مسكنه‪ ،‬وعلى الساكنين في‬                    ‫ويختم الشاعر قصيدته‬
  ‫غير قادرين على الابتهال»‪.‬‬         ‫السماء‪ .‬وأُ ْع ِط َي أن يصنع‬                 ‫بصورة غريبة كما في‬
 ‫يؤكد سيميك على أنه بسبب‬            ‫حر ًبا مع القديسين ويغلبهم‪،‬‬                ‫الحكايات الشعبية؛ حيث‬
                                    ‫سلطا ًنا على كل قبيل ٍة‬  ‫وأُ ْع ِط َي‬
    ‫الحرب‪ ،‬خسرت البشرية‬               ‫وأم ٍة‪The Holy( .‬‬      ‫ولسا ٍن‬       ‫يخبرنا عن الاستعمال المحلي‬
 ‫قرو ًنا عديدة ولم يعد العالم‬                                                 ‫لأسلحة الحرب‪ .‬يستنتج‬
                                    ‫‪)1984 ,Bible‬‬                             ‫باكلي أن «الجيوش تتغير‪،‬‬
    ‫كما كان‪ .‬ويختم سيميك‬
 ‫قصيدته بنقد لمجتمعنا الذي‬          ‫قد يشير الوحش مجاز ًّيا إلى‬            ‫لكن لا شيء آخر تغير خلال‬
‫يق ِّدر ويع ِّظم الفردية والأنانية‬  ‫الحرب‪ ،‬مع الأخذ في الاعتبار‬            ‫مائتي عام»‪Buckley, qt.( .‬‬
  ‫والطموح‪ ،‬وكذلك نقد الآباء‬                                                ‫‪)104 .p ,1996 ,in Weigl‬‬
                                    ‫كل الأشياء الرهيبة التي‬                 ‫وتندمج الأسطورة والواقع‬
    ‫الذين يربون أبناءهم على‬
                                    ‫تجلبها‪ .‬وقد يكون الضمير‬

                                    ‫«هو» في القصيدة تلمي ًحا إلى‬
                                    ‫أدولف هتلر‪ ،‬الذي كان ُيعتبر‬
                                     ‫«طف ًل أحمق»؛ أو ًل‪ ،‬لأنه من‬

                                    ‫أشعل الحرب؛ وثانيًا‪ ،‬لأنه‬
                                    ‫كان خاض ًعا لها‪ ،‬أعني أنه‬
   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206