Page 200 - merit 52
P. 200

‫العـدد ‪52‬‬                                 ‫‪198‬‬

                                 ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                                  ‫المباشرة إلى الحرب‬
                                                                     ‫ونقيضها‪ :‬وراء ذلك المشهد‬
   ‫خفي ًة وهي تضع أظافرها‬         ‫مقارنة بين الابن والملابس‪،‬‬        ‫الذي يتسم بالنظافة والنظام‬
  ‫المطلية باللون الأحمر داخل‬          ‫وكيف تحيك الأم بلطف‬
  ‫الجورب الشفاف‪Simic( .‬‬                                                 ‫والرقي‪ ،‬هناك الكثير من‬
                                  ‫بالغ ندوب الابن الناتجة من‬         ‫العفن والقذارة‪ ،‬إذا أخذنا في‬
   ‫‪.p ,1996 ,qt. in Weigl‬‬         ‫الحرب‪ .‬ولكن تبقى المفارقة‬
                     ‫‪)185‬‬          ‫اللفظية هي الأكثر روعة في‬           ‫الاعتبار مئات الأشخاص‬
                                    ‫هذا المقطع‪ ،‬حيث يستخدم‬          ‫المشوهين والجرحى والقتلى‪.‬‬
     ‫في هذه القصيدة‪ ،‬تتكرر‬        ‫الشاعر كلمة «رفق» لوصف‬
  ‫ذكرى طفولته بشكل مثالي‬                                                ‫كما أن هناك أي ًضا فكرة‬
   ‫عن الأوقات العصيبة التي‬           ‫الإيماءات التي تسبب ألم‬         ‫تواجد الناس جنبًا إلى جنب‬
 ‫عاشها‪ .‬فإلى جانب الإشارة‬          ‫لا مفر منه‪ .‬هذه الأم لطيفة‬
‫إلى الكهرباء الشحيحة‪ ،‬يشير‬         ‫وتتعامل برفق حتى تخفف‬                            ‫مع الفئران‪.‬‬
‫«الضوء الضعيف» إلى الكآبة‪،‬‬          ‫من معاناة أهلها وتجعلهم‬           ‫في القصيدة التالية‪ ،‬يخبرنا‬
‫والشتاء الطويل‪ ،‬وكل أشكال‬          ‫ينجون مما هم فيه‪ .‬يخبرنا‬            ‫الشاعر عن هشاشة البيئة‬
  ‫الدمار التي خلفتها الحرب‪.‬‬      ‫السطر الأخير من هذا المقطع‬         ‫المحلية‪ ،‬بالإضافة إلى محاولة‬
                                                                      ‫شعبه الحفاظ على الروتين‬
    ‫وفي قصيدة أخرى‪ ،‬يتخذ‬              ‫عن قدرة والدته في هذا‬
     ‫الشاعر نغمة أسطورية‬         ‫السياق‪« :‬حدة الإبرة هي كل‬             ‫المنزلي والنجاة من أهوال‬
                                                                      ‫الحرب في ذلك الوقت‪ :‬إنها‬
 ‫عندما يقدم رؤية لشبح قائد‬                ‫ما تملكه من حدة»‪.‬‬
    ‫عسكري قوي يمثل رم ًزا‬               ‫وفي الجزء الثاني من‬             ‫تضغط عليَّ برف ٍق بمكواة‬
  ‫لكل الحروب‪ ،‬وأي ًضا رم ًزا‬           ‫القصيدة‪ ،‬يقدم الشاعر‬         ‫بخار ساخنة‪ ،‬أو تنزلق يدها‬
    ‫للاستبداد‪ ،‬وهو نابليون‬        ‫جدته؛ فهي تحذر ابنتها من‬
    ‫بونابرت‪ :‬أنا آخر جندي‬         ‫الإضاءة السيئة أثناء قيامها‬         ‫بداخلي كما لو كنت جور ًبا‬
                                    ‫بالخياطة‪ ،‬ربما على ضوء‬             ‫يحتاج للرتق‪ .‬الخيط الذي‬
‫نابليوني‪ .‬ما يقرب من مائتي‬        ‫الشمعة‪« :‬ستدمرين عينيك»‪،‬‬          ‫تستخدمه كقطرات دمي‪ ،‬لكن‬
     ‫عام قد مضت وما زلت‬             ‫مما قد يشير إلى الأضرار‬          ‫ح َّدة الإبرة هي كل ما تملكه‬
                                    ‫التي ستلحقها بنفسها من‬
 ‫أتقهقر عن موسكو‪ .‬الطريق‬                                                              ‫من حدة‪.‬‬
    ‫محفوفة بأشجار البتولا‬                  ‫أجل إنقاذ أسرتها‪.‬‬              ‫تحذرها أمها قائلة‪« ،‬يا‬
                                        ‫في اقتباس مأخوذ من‬          ‫هنرييتا‪ ،‬ستدمرين عينيك في‬
   ‫البيضاء والوحل يصل إلى‬           ‫«مذكرات‪»1969 -1963 ،‬‬             ‫هذه الإضاءة السيئة»‪ .‬وهي‬
  ‫ركبت َّي‪ .‬وهذه المرأة العوراء‬     ‫يقول سيميك‪ :‬في طفولتي‪،‬‬            ‫محقة! منذ بدء الخليقة‪ ،‬لم‬
‫تريد أن تبيع لي دجاجة‪ ،‬وأنا‬            ‫كان النساء يقمن برتق‬           ‫يكن هناك مثل هذا الضوء‬
                                      ‫الجوارب في المساء‪ .‬كان‬            ‫الشحيح‪ .‬لطالما عرفنا أن‬
       ‫لا أرتدي أي ملابس‪.‬‬              ‫«الجري» وأنت ترتدي‬             ‫ظهيراتنا الشتوية في بعض‬
   ‫يسير الألمان في اتجاه؛ أنا‬        ‫جور ًبا أم ًرا كارثيًّا؛ وذلك‬       ‫الأحيان تدوم مائة عام‪.‬‬
 ‫ما ٍض في الاتجاه الآخر‪ .‬وما‬        ‫لأن الجوارب كانت باهظة‬               ‫(‪)7 .p ,1989 ,Simic‬‬
     ‫زال الروس يسيرون في‬           ‫الثمن وكذلك الكهرباء‪ .‬كنا‬           ‫تجمع هذه القصيدة‪ ،‬التي‬
‫طريق آخر ويلوحون بأيديهم‬           ‫نجلس جمي ًعا حول الطاولة‬              ‫تنقسم إلى فقرتين‪ ،‬بين‬
‫مودعين‪ .‬لدي سيف احتفالي‪.‬‬              ‫مع مصباح في وسطها‪،‬‬              ‫الصور السريالية والواقع‪.‬‬
                                 ‫والأب يقرأ الجرائد‪ ،‬والأطفال‬         ‫في الجزء الأول‪ ،‬يستعرض‬
     ‫أستخدمه لقص شعري‬               ‫يتظاهرون بأداء واجباتهم‬         ‫الشاعر صو ًرا رائعة لوصف‬
‫الذي يبلغ طوله أربعة أقدام‪.‬‬        ‫المدرسية‪ ،‬بينما نشاهد الأم‬        ‫محاولة درامية تقوم بها أم‬
                                                                      ‫لحماية عائلتها‪ .‬وهو يخلق‬
     ‫(‪)9 .p ,1989 ,Simic‬‬
   ‫يدخل العنصر الأسطوري‬
   ‫إلى هذه القصيدة للإشارة‬
 ‫إلى حدث تاريخي‪ :‬على غرار‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205