Page 212 - merit 52
P. 212

‫العـدد ‪52‬‬                                ‫‪210‬‬

                                 ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                        ‫الأمريكي‪ ،‬نظ ًرا لكيفية تمثيلها‬
                                                                     ‫شيئًا غير مألوف حتى تلك‬
 ‫أي ًضا إلى أنه عندما ُنشر أول‬    ‫تخرج من ذلك لاح ًقا‪ ..‬أنا لا‬
   ‫كتاب لبوبا في عام ‪،1953‬‬          ‫أثق في الأفكار أو ًل‪ .‬لم أبدأ‬  ‫اللحظة‪ ،‬لا سيما عندما يتعلق‬
      ‫كانت الأوساط الأدبية‬         ‫قصيدة أب ًدا لأن لدي فكرة‪.‬‬       ‫الأمر بالعناصر الفولكلورية‬
  ‫اليوغوسلافية مندهشة من‬           ‫لكنها دائ ًما نوع من الخبرة‪،‬‬
                                   ‫تجربة مرتبطة بمكان مادي‬                  ‫والعناصر الفكاهية‬
‫نجاحه‪ ،‬نظ ًرا لعدم وجود أي‬          ‫محسوس‪ ،‬شيء ما‪ ،‬بعض‬             ‫والنموذجية جنبًا إلى جنب مع‬
   ‫شيء شيوعي فيه‪ .‬وصفه‬           ‫الصور‪ ،‬هذه الأشياء هي التي‬         ‫استخدام الكوميديا السوداء‪،‬‬
                                   ‫تجعل القصيدة تبدأ‪( .‬راينر‬
‫النقاد الواقعيون الاجتماعيون‬                                          ‫لكنها لم تكن مفيدة بشكل‬
‫بأنه «هراء سريالي»‪ ،‬ورفض‬                               ‫‪)83‬‬            ‫خاص لاستقباله في الأدب‬
  ‫النقد الأدبي الصربي لاح ًقا‬        ‫يوضح هذا التفسير كيف‬            ‫الصربي‪ ،‬لأنهم وضعوا في‬
                                 ‫يختلف عالم سيميك الشعري‬              ‫أذهانهم أوجه التشابه مع‬
    ‫الأساس السريالي لشعر‬             ‫في جوهره‪ -‬في شعره‪ ،‬لا‬            ‫بوبا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن شعر‬
  ‫بوبا‪ ،‬حيث كانت السريالية‬            ‫يشير الغموض دائ ًما‪ ،‬أو‬       ‫بوبا شديد الإحكام‪ ،‬وسلس‪،‬‬
                                    ‫حتى في أغلب الأحيان‪ ،‬إلى‬          ‫ومختصر لغو ًّيا‪ ،‬وموجز‪،‬‬
    ‫مميزة أيديولوجيًّا‪ ،‬وبد ًل‬    ‫موضوعات جادة؛ بل تهيمن‬           ‫لكن عمل سيميك لم يبرز هذه‬
   ‫من ذلك ركزوا على جذور‬         ‫على أشعاره البسيطة والمرحة‬        ‫العناصر أب ًدا إلى هذه الدرجة‪،‬‬
                                 ‫روح الدعابة الخاصة والنبرة‬           ‫لا سيما في وقت لاحق من‬
      ‫بوبا في الأدب الشعبي‬        ‫المتواضعة‪ .‬كما يقول فيندلر‪،‬‬
 ‫والشعر الوطني‪ .‬بالطبع‪ ،‬في‬                                              ‫حياته المهنية؛ وهذا يدلل‬
  ‫مقالته‪ ،‬لم يستشهد سيميك‬             ‫«لقد انزعج سيميك لأن‬           ‫بوضوح على الاختلاف بين‬
                                      ‫النقاد تحدثوا عن أعماله‬        ‫الحساسيات الإبداعية لدى‬
   ‫بهذه المفارقة الغريبة التي‬       ‫على أنها «نموذج»‪ ..‬هو في‬
      ‫تؤكد بإصرار على دور‬          ‫الواقع يقدم تفاصيل حرفية‬                         ‫الشاعرين‪.‬‬
                                   ‫عميقة‪ ،‬لكنها تكتسب أهمية‬           ‫أي ًضا‪ ،‬فيما يتعلق بتركيزه‬
 ‫الأدب الوطني في شعر أكثر‬        ‫مكافئة أو رمزية لأنه تم محو‬
   ‫شعراء صربيا المعاصرين‬         ‫الكثير لعزل تلك التفاصيل في‬            ‫على الأشياء التي جعلها‬
    ‫ترجمة‪ .‬يقول سيميك إن‬         ‫شعاع صارخ من الاستجواب‬                ‫مركزية في شعره‪ ،‬يقارن‬
  ‫هذا النوع يشبه الجذور أو‬            ‫القاسي» (‪ .)104‬يرتبط‬              ‫سيميك بين عمله وعمل‬
  ‫«لوح مقدس» معاصر‪ ،‬وأن‬             ‫تفسير سيميك‪ ،‬علاوة على‬             ‫ويليام كارلوس ويليامز‪،‬‬
     ‫بوبا شاعر «لغته مميزة‬        ‫ذلك‪ ،‬لشعر بوبا بقراءات تيد‬        ‫وليس فاسكو بوبا‪« :‬التواجد‬
   ‫لسريالية عنصرية مقترنة‬        ‫هيوز لبوبا‪ ،‬وليس لديه الكثير‬       ‫المرئي لهذه الأشياء البسيطة‬
                                     ‫من القواسم المشتركة مع‬
‫بلا شك بنهج حيواني يصنع‬             ‫الطرق التي يقرأ بها النقاد‬           ‫كان يعني دائ ًما الكثير‬
      ‫الأساطير للواقع»‪ ،‬لكن‬       ‫اليوغوسلافيون أعماله‪ .‬رأى‬           ‫بالنسبة لي‪ ..‬هذا هو المكان‬
                                    ‫هيوز بوبا شاع ًرا سياسيًّا‬       ‫الذي أبدأ فيه بروح العبارة‬
 ‫تصوراتهم «أعمق من زمانه‬            ‫رصينًا‪ ،‬على غرار زبيجنيو‬
  ‫ومكانه» (سيميك‪« ،‬مقدمة»‬                                              ‫الشهيرة لوليام كارلوس‬
                                        ‫هربرت وميروسلاف‬              ‫ويليامز‪« ،‬لا توجد أفكار إلا‬
    ‫‪ .)x‬يكتب عما يجعل بوبا‬            ‫هولوب‪ ،‬وأي ًضا لشعراء‬           ‫في الأشياء»‪ .‬كل شيء يبدأ‬
     ‫شاع ًرا عالميًّا يتحدث إلى‬    ‫وجوديين مثل بيكيت (انظر‬
‫الأشخاص المعاصرين والذي‬            ‫هيوز ‪ .)2 -1‬يشير سيميك‬              ‫بالواقع القريب‪ ،‬الذي هو‬
    ‫يمكن لشعره‪ ،‬كما يعتقد‬                                             ‫الواقع أمام أنفي‪ .‬الطاولة‪،‬‬
  ‫تيد هيوز‪ ،‬أن ُيثري المشهد‬                                          ‫فنجان الشاي‪ .‬بالنسبة لي‪،‬‬
‫الشعري الإنجليزي‪ .‬ربما هذا‬                                            ‫كانت الكتابة هي دائ ًما‪ ،‬أن‬
  ‫هو السبب في أن النصوص‬                                            ‫تبدأ بشيء ملموس‪ ،‬والأفكار‬
   ‫القليلة حول شعر سيميك‬
 ‫في المجلات الأدبية الصربية‬
‫(معظمها مراجعات لمجموعاته‬
   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217