Page 126 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 126

‫العـدد ‪١٩‬‬                            ‫‪124‬‬

                                     ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

‫الحيوان الذي ننتمي إليه‪ ،‬الحيوان‬     ‫بتجربة من طفولتنا‪ ،‬شيء يمكننا‬         ‫ثم يقوم هؤلاء المرضي دون أن‬
    ‫الطائر يحتاج نموذ ًجا مختل ًفا‬       ‫تذكره بوضوح‪ ،‬شيء يمكننا‬             ‫يكون هناك أي أثر لجرح‪ .‬كل‬
   ‫عن الذي يسير على الأرض أو‬              ‫مشاهدته وملامسته أو ربما‬
                                                                           ‫هذا وغيره يدعونا إلى التساؤل‪:‬‬
  ‫عن الذي يتسلق أو يسبح‪ ،‬عقل‬         ‫شمه وكأنما كنا هناك ح ًّقا‪ ،‬فأنت‬        ‫هل خدعنا الحاوي أو الساحر‬
  ‫القرد يتطلب برنام ًجا قاد ًرا على‬      ‫كنت هناك ح ًّقا على أية حال‪..‬‬
‫محاكاة عالم من الجذوع والفروع‬                                             ‫بسرعة حركته‪ ،‬وخفة يده‪ ،‬ودقة‬
                                      ‫أليس كذلك؟! وإلا كيف استطعت‬           ‫تمويهه‪ ،‬فأظهر لنا أنه يستطيع‬
     ‫ثلاثي الأبعاد‪ ،‬وحيوان ال ُخلد‬                           ‫التذكر؟‬         ‫أن يخرج الكتاكيت من فمه أو‬
‫يتطلب برنام ًجا يبني نماذج للعالم‬                                         ‫أذنه أو كوعه؟ فهل يعني ذلك أن‬
‫مخصصة لما تحت الأرض‪ ،‬ودماغ‬            ‫وإليك القنبلة‪ :‬أنت لم تكن هناك‪،‬‬       ‫الكتاكيت كانت تسكن زوره أو‬
                                           ‫ولا ذرة واحدة من الذرات‬
   ‫بعوضة الماء لا تحتاج برنام ًجا‬           ‫الموجودة فيك اليوم كانت‬                     ‫معدته أو ذراعه؟!‬
    ‫ثلاثيًّا إطلا ًقا‪ ،‬فهي تعيش على‬                                         ‫ولنعد إلى التساؤل مرة أخرى‪:‬‬
‫سطح مستنقع في أرض مسطحة‪.‬‬             ‫موجودة في جسدك حين حصلت‬
                                        ‫تلك الحادثة! المادة تنساب من‬           ‫في أي مجالات الطب يمرض‬
            ‫***‬                                                            ‫الناس بالضفادع؟ وكيف تعيش‬
‫باختصار‪ ..‬حين نفكر كأكاديميين‬          ‫مكان لآخر ولحظيًّا تتجاوب مع‬
                                        ‫بعضها فتكونك‪ ،‬وبالتالي مهما‬          ‫الضفادع التي يخرجونها حية‬
   ‫نعتبر الناس آلات معقدة متقنة‬                                             ‫في أجسامهم؟! وما هي أعراض‬
‫الصنع‪ ،‬كالكمبيوترات والسيارات‪،‬‬            ‫كنت أنت الآن فأنت لست ما‬
                                        ‫وجدت منه‪ ،‬إن لم يكن جسدك‬              ‫تلك الأمراض الضفدعية التي‬
     ‫ولكن حين نعود لكوننا بشر‬        ‫قد اقشعر لهذا فاقرأة مرة أخرى‬            ‫تنشأ في أجسام الناس؟ وهل‬
    ‫نتصرف مثل (باسيل فاوتلي)‬                                               ‫يمكن استخراج سحا ٍل وثعابين‬
 ‫الشخصية الكوميدية‪ ،‬الذي حطم‬                               ‫لأنه مهم‪.‬‬        ‫وعصافير وفئران فيتم الشفاء‬
‫سيارته ليلقنها در ًسا حين تعطلت‬           ‫إ ًذا فكلمة «ح ًّقا» ليست كلمة‬    ‫من أمراض ما أنزل الله بها من‬
                                      ‫يمكننا استخدامها بثقة وبساطة‪،‬‬
             ‫في (جورميه نايت)‪.‬‬          ‫لو أن للنيترينو (جسيم أصغر‬                          ‫سلطان؟!»‪)7(.‬‬
   ‫السبب وراء شخصنتنا لأشياء‬           ‫من الإلكترون) دماغ طوره من‬               ‫مواقع بلا عدد تملأ الفراغ‬
                                      ‫أسلافه ذوي الأحجام النيترونية‬         ‫الكوني بتلك الخرافات‪ ،‬وإعلام‬
     ‫مثل السيارات والكمبيوترات‬        ‫لقال إن الصخور ح ًّقا مكونة من‬       ‫مرئي ومسموع وورقي تتداول‬
   ‫هو أنه كما أن القردة تعيش في‬      ‫فضاء فارغ‪ ..‬لدينا أدمغة تطورت‬          ‫تلك الأفعال‪ ،‬وتليفزيوننا الموقر‬
                                     ‫من أسلاف ذوي أحجام متوسطة‬             ‫امتلأ عن آخره بالمنجمين وقراء‬
    ‫عالم شجري‪ ،‬والخل ُد في عالم‬         ‫لا يستطيعون السير من خلال‬         ‫الأحلام والمعالجة وعمل الأحجبة‬
      ‫تحت أرضي‪ ،‬وبعوض الماء‬          ‫الصخور‪« ،‬ح ًّقا» بالنسبة لحيوان‬           ‫والتعاويذ‪ ..‬وقبلنا! ثم‪ ..‬هل‬
                                        ‫هي كل ما يحتاجه دماغه لكي‬             ‫هناك علم نافع وعلم مفسد؟‬
    ‫في عالم مسطح يسوده التوتر‬        ‫يساهم في بقائه‪ ،‬ولأن هناك أنواع‬        ‫ولماذا لديهم كل علم دنيوي هو‬
   ‫السطحي‪ ..‬نحن نعيش في عالم‬          ‫مختلفة تعيش في عوالم مختلفة‪،‬‬         ‫علم لا ينفع والجهل به لا يضر‪،‬‬
                                                                           ‫ويتمسكون بالخرافة واحتسابها‬
      ‫اجتماعي نسبح في بحر من‬                ‫سيكون هناك تنوع مزعج‬
      ‫البشر‪ ،‬نسخة اجتماعية من‬                            ‫للحقيقيات‪.‬‬                                ‫عل ًما؟!‬
    ‫العالم المتوسط‪ ..‬نحن تطورنا‬                                               ‫نعود إلى محاضرة ريتشارد‬
 ‫لكي ننتقد سلوك الآخرين بكوننا‬         ‫ما نراه في العالم الحقيقي ليس‬          ‫دوكنز (غرابة الكون)‪« :‬يذكر‬
   ‫علماء نفس حدسيين عبقريين‪،‬‬         ‫العالم (غير الخفي) ولكنه نموذج‬         ‫ستيف جراند في كتابه (الخلق‪،‬‬
  ‫قد تكون معاملة الناس كالآلات‬                                               ‫الحياة وكيف تصنع) أننا ‪-‬أنا‬
  ‫صحيحة علميًّا أو فلسفيًّا‪ ،‬ولكن‬      ‫للعالم تنظمه وتضبطه البيانات‬        ‫وأنت‪ -‬مجرد موجات بدل شيء‬
  ‫محاولة تخمين سلوك الشخص‬                 ‫الحسية‪ ،‬ولكنه مبني بشكل‬         ‫دائم ويدعونا نحن القراء أن نفكر‬
    ‫المستقبلي بهذه الطريقة إهدار‬
  ‫للوقت‪ ،‬الطريقة الأسهل والأكثر‬       ‫نافع للتعامل مع العالم الحقيقى‪،‬‬
‫اقتصادية هي أن تعامل الشخص‬              ‫طبيعة النموذج تعتمد على نوع‬
   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131