Page 128 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 128
العـدد ١٩ 126
يوليو ٢٠٢٠
كراسينا نطالع العالم وأخباره والكآبة المصاحبة للفرد حين -أكثر ما تتبدى -في شبكة
الإنترنت ،شبكة بلا محور وبلا
يقيم في بلاد أجنبية لسبب ما ،وأنساق قيمة حتى الناقص منها، قمة وبلا هرمية أو تراتبية»)9(.
وبعي ًدا عن موطنه الأصلي ولغته والأقوياء فقط هم الصابرون ولعل البادرة الأولي التي ترد
وثقافته التي تربي عليها ،باسم لتنمو معارفهم وعلومهم، إلى الذهن الآن وبعد قراءة ما
تقدم هى :كيف التعامل مع هذا
(الصدمة الحضارية) ،وينمو هذا يتعاملون مع المتغير وفق قاعدة
الوحش القادم أو الذي جاء
الشعور ويتزايد حين اصطدام احترام الآخر وتبادل المنفعة ،بل بالفعـل؟ ونحن -أي الجمع
المشترك كله -لا ندرك أو ندرك
الفرد بعادات ومفاهيم اجتماعية يحاورونه ويستمع إليهم ،لتزول قدر وحشـيته ونهمه ..هذا
الشعور الذي ينتابنا الآن أراه
عنه غشاوة التخلف والبداوة تختلف عن بيئته الاجتماعية -رؤية رومانسية طب ًعا -شعو ًرا
صحيًّا ،ذلك لو قدر لنا الانتباه
التي خرج منها ،مما يدفعه إلى التي كان يعرفها ،وبالتالي يشعر جمي ًعا ..إذ ليس من الصواب
الوقوف عند رؤية عفريت القمقم
المزيد من التوتر والقلق وربما الفرد منا بالفخر وعدم الإحساس مذهولين في انتظار ما سيجيء أو
ما سيحدث ،وبالتأكيد أي ًضا أنه
بالدونية ،وربما إعادة النظر جد ًّيا الخوف والريبة التي تحرضه ليس من الصواب التسليم بإلغاء
الخصوصية الثقافـية أو محوها
على ترك المكان والعودة إلى من ومراجعة أنساق القيم وتشكيلنا في مقابل ثقافـة جديدة نجهلها
وليس لها من شكل واضح..
الثقافي بسهولة ويسر وبغير حيث أتى ..لكن الأقوياء فقط هي دعوة للانتباه دون تهويل
أو تهوين من قدر خطر أو غيب
صدمة أو صدام حضارى. أو الذين يعرفون هذه الحالة أو واقع قادم ،والضرورة الملحة
تقتضي أن لا بد من إعادة قراءة
ولديهم مرونة وتعقل ،يثابرون وعليه فإن «التشكيل الثقافي يعني للثقافة الموجودة قراءة جيدة
ويصبرون ويتجاوزون الصدمة بكل بساطة ووضوح مجموعات متأنية:
كيف ولدت ونمت؟
هائلة ومركبة ومعقدة ليس من بالمزيد من المعرفة والتعامل وما هو المتراكم ومصادره؟
وكيف كان تأثيره ودرجة إعاقته
المتدرج مع تلك الحياة الجديدة .منتجات الفكر فقط كما يتصور
عبر الممارسة؟
وقد تحدث الصدمة الحضارية البعض ،بل من منتجات الحياة خصو ًصا أن الثقافة المصرية
تحدي ًدا قد داخلها العديد من
عكسيًّا أي ًضا ،بعد عودة المغادر السياسية ومواريث المجتمع الثقافات والتباينات ،ثم بعد
إلى دياره وجماعته الأولى محم ًل وعاداته وتقاليده وفولكلورياته ذلك يجب فهم المستجدات فه ًما
وآدابه وفنونه وإبداعاته ..فض ًل مستني ًرا مما يلزم معه فتح باب
بما عايشه لفترة وسط البيئة
المعرفة على مصراعيه.
عن دور ذلك «التشكيل» في إغناء الاجتماعية مختلفة الثقافة، اصطلح علماء الاجتماع على
وينتابه نفس الشعور بالاغتراب مؤسسات الدولة بالمشروعات تسمية الشعور بالاغتراب
والوحدة ومزيد من
الاكتئاب فيتمنى
العودة سري ًعا أو
الهرب ،خصو ًصا
وإن كان الفارق
كبي ًرا بين المجتمع
المهاجر إليه الغني
المتقدم ومجتمعه
الأصلي الفقير
المتخلف!
هذه الصدمة
الحضارية تحدث
الآن وبغير سفر
أو هجرة ،تحدث
ريتشارد دوكينز ميشيل فوكو ونحن قعود فوق