Page 127 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 127
125 تجديد الخطاب
خصوصيته وتميزه ..إنها وثمة علاقة بين هذا التضاد على أنه صاحب غاية ..وكيل يتبع
بالقطع ،وبكل المقاييس ،ثورة المعرفى /المعلوماتي والتضاد أهدا ًفا وله آلام وسعادات ورغبات
مجتمعية عارمة ..لقد دان العالم الحاكم في عصرنا ،الذي أصبح
لسيطرة الصغير متناهي الصغر، فيه العلم هو ثقافة المستقبل ،في ونوايا وندم وشعور بالذنب..
من جسيمات الذرة وجزيئات حين اقتربت الثقافة من أن تصبح الشخصنة وإسناد النوايا هي
البيولوجيا الجزيئية ،والأخطر هي علم المستقبل الشـامل ،الذي أسلوب عبقري وناجح في وضع
من ذلك أنه قد دان لسـيطرة يطوي في عباءته فرو ًعا معرفية نموذج للبشر ،وليس من المفاجئ
«ذرة» المنطق الصـوري التي أن برنامج النموذج نفسه يفقد
بلغت ذروتها في ثنائية «الصفر متعددة ومتباينة. السيطرة حين تحاول أن تفكر
والواحد» ،الثنائية الحاكمة التي *** بكيانات غير ملائمة مثل (باسل
قامت عليها تلك التكنولوجيا ما أعجب أضداد عصرنا ،ذلك فولتي) وسيارته أو مثل الملايين
الساحقة الماحقة :تكنولوجيا الذي تتعلم فيه الأجيال اللاحقة من الناس المغترين بالكون كله».
المعلومات ..ح ًّقا ،نحن نواجه عالمًا من أجيالها السـابقة ،مثلما
زاخ ًرا بالمتناقضات ،يتوازي فيه تتعلم السابقة من اللاحقة ،بعد ()8
تكتل دوله مع تفتيت دويلاته، أن أصبحت معرفة من سبق
ولا يفوق نموه الاقتصادي إلا تتهالك بمعدل يفوق في سرعته والآن ..إنه «عصر يلهث فيه
زيادة عدد فقرائه ..وها هي شبكة معدل اكتسابه لها ..وثمة صلة قادمه يكاد يلحق بسابقه،
الإنترنت ،التي أقيمت أص ًل لاتقاء ما بين هذا ومعكوس التاريخ
ضربة نووية محتملة ربما يقدم لدي ميشيل فوكو ،الذي يزعم وتتهاوى فيه النظم والأفكار
عليها الخصم السوفييتي آنذاك، أن الماضي لا يؤدي إلى الحاضر، على مرأى من بدايتها ،وتتقادم
هاهي تلك الشبكة ،وليدة الحرب والحاضر هو الذي يهب الماضي فيه الأشياء وهي في أوج جدتها،
الباردة ،يرجون لها كأداة مثلى معناه وجدواه ..لقد اختلطت
لإشاعة ثقافة السلام ،ونشر الأضداد وتداخلت في أيامنا عصر تتآلف فيه الأشياء مع
الوفاق والوئام بين الأنام ..إنها حتى أعلن جان بودليار «نهاية أضدادها ..فالمعرفة قوة والقوة
البشرية تمارس هوايتها الأبدية الأضداد» ،نهاية تضاد الجميل أي ًضا معرفة ،معرفة تفرزها هذه
في مزج الآمال بالأوهام ،فلا حرج والقبيح في الفن ،واليسار واليمين القوة لخدمة أغراضها وتبرير
ولا تناقض بين حديث السلام في السياسة، ممارساتها وتمرير قراراتها..
هذا ،والمائة والخمسين حر ًبا التي والصادق
نشبت منذ الحرب العالمية الثانية، والزائف ولهذا التضاد المعرفي رفيق
الأمر الذي يبدو وكأن كبار عالمنا في الإعلام، اقتصادي ..فالمعلومات مال بعد
يصدرون لصغاره حروبهم والموضوعي أن أصبحت مور ًدا تنمو ًّيا يفوق
وصراعاتهم وأزماتهم ،يفتتونها والذاتي في
حرو ًبا أهلية ،وصراعات عرقية العلم ،بل ونهاية في أهميته
ودينية ولغوية ،وبطالة وتغريبًا تضاد «هنا الموارد المادية،
وتهمي ًشا واستبعا ًدا ،وكل درجات وهناك» أي ًضا والمال بدوره
هذا الطيف القاتم لاستغلال بعد أن كاد
أيامنا ..وربما تساير نزعة تفتيت «طابع المكان» أوشك أن
الكوارث تلك نزعة اللامركزية أن ينقرض يكون مجرد
التي تسود هذا العصر ،وتتبدى وقد سلبته
عمارة الحداثة معلومات،
نبضات
وإشارات
وشفرات
تتبادلها
البنوك في
معاملاتها
المالية
إلكترونيًّا..