Page 21 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 21
منازل حتى عاد كالعرجون القديم»( .ص)47
وتقول لها المراة المجنونة التي التقتها البطلة في
المزار« :ستاخذين من القمر تحولاته»( .ص)50
ومن الرموز المرتبطة بأسطرة شخصية البطلة
«قمر الزمان» دلالة المنديل الذي تضعه في
معصمها ،حيث ربطت الرواية بين حياة البطلة
وهذا المنديل بطريقة تنبؤية« :يا صديقتي ،في
هذا المنديل كانت بدايتي ،وفيه ستكون نهايتي».
(ص )170وربما تبلغ عملية أسطرة شخصية
البطلة ذروتها ،في الصفحة الأخيرة من الرواية،
عندما تتحول البطلة ،بعد موتها ،إلى نجمة
ارتفعت في السماء واختفت إلى الأبد لتحقق
حريتها المطلقة ،والتي لن يستطيع أحد
مصادرتها« :فقد ملكت الحرية ،ولن يضمنها
سجن جديد ،ولن يعثر عليها أحد»( .ص
)294وواضح أن هذا السرد غير مبأر،
وينتمي إلى صوت المؤلفة أو ذاتها الثانية التي
شاركت بدورها في تكريس عملية الأسطرة،
بسبب وقوعها تحت فتنة وتاثير البطلة
وتأثيرها ومسيرتها التاريخية والفكرية.
ويخيل لي أن عوامل كثيرة جعلت المؤلفة تنحاز
عاطفيًّا إلى مسيرة بطلها ،على الرغم من أن مواقفها
الفكرية ومعتقداتها المذهبية ذات طابع خلافي،
ومتناقض أحيا ًنا .لكن المؤلفة ،كما يبدو ،كانت
منبهرة بنزعة البطلة إلى التأويل وتجديد الفكر
الديني والمذهبي ،والخروج عن القوالب المتداولة،
كما أن دفاع البطلة عن حرية المرأة ،ودعوتها لمنح
الحرية الكاملة للمرأة في التحرر من عبودية الافراد
والمجتمع ،والتي جعلتها تتحول مناضلة نسوية
نموذجية سبقت عصرها ،كانت عام ًل مه ًّما للوقوع
في دائرة سحرها.
وفي الحقيقة تمتلك البطلة الكثير من المقومات
الشخصية التي تجعلها مؤثرة وجذابة ومشبوبة
بدافع داخلي يمتزج فيه العرفاني بالبرهاني،
والفكري بالصوفي والتطهري بالشبقي .وهذه
المقومات كانت تمنح شخصيتها الكاريزمية
وقوامها الجميل الممشوق ،وصوتها الجهوري هيباتيا
المؤثر سح ًرا خا ًّصا يجعلها تؤثر بالآخرين من
معارفها وأنصارها ،وأحيانا أعدائها .وفض ًل عن