Page 25 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 25
23 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وهناك ترددات كثيرة في
الشعر العربي -أي ًضا -تميل
إلى هذا الترجيح :فالقاضي
الفاضل يقول:
لسا ُن المرء ُينبي عن ِحجا ُه
و ِع ّي المرء َي ْستره ال ّسكو ُت
-أما نزار قباني (-1923
)1998فهو يقرن ال ّصمت
بالبلاغة عندما يقول مو ِّج ًها
خطابه إلى امرأة تتأ ّمل سحر
كلماته:
« -هل تسمعين أشواقي
عندما أكون صامتًا؟
-إ ّن ال ّصمت يا سيّدتي هو
أنطونيو جرامشي الياس فركوح جان برولير أقوى أسلحتي..
-وتارة –أخرىَ -يقرن بينه وبين ال ُّسخرية، -هل شعر ِت بروعة الأشياء التي أقولها
فصرخاته (أو وصاياه) بأ ّل ُتصالح ،كلها تذهب
عندما لا أقول شيئًا؟”
أدراج الريح فكما يقول:
« -فما ال ّصلح إ ّل معاهد ٌة بين ن َّدي ْن» لكن دون ومرة ثانية ُيعطي نزار قباني ال ّصمت قدر ًة على
جدوى ،وما أن يذ ّكرهم بأن الذي اغتاله «محض تصوير الحال ،فيقول:
لص» «سرق الأرض من بين عين َّي» ،دون أ ّية
جدوى من التنازل عن ال ُّصلح ،فحيال هذه المفارقة « -عبثا نهرب..
التي تكشف ركو ًنا وإذعا ًنا للعدو ،فإذا بـ»ال ّصمت -من سعة ال ّصمت إلى ِضيق ال َكلام..
يطل ُق ضحكته الساخرة!» مما يحدث وما زال –مع -ث ّم نعلق بين فكرتين انقطع بينهما جسر المجاز».
فهو يرى أ َّن في ال ّصمت ِسعة تضيق حين نت ّكلم.
الأسف– إلى الآن. وكأ ّن الكلام ُيقيّد المعنى ال ّسابح في رؤوسنا
وإذا كان الجاحظ َما َل لتفضيل الكلام على ال ّصمت -بتعبير ع ّمار على حسن -في تعقيبه على الأبيات.
في رسالته« :تفضيل النطق على الصمت» فإن هناك وإن كان أمل دنقل (َ )1983 -1940قرن ال ّصمت
العديد من الكتّاب انحازوا للصمت ،فأفرد ابن عبد بالغضب (أو الثورة) تارة كما في وصفه لحال
ربه (860م940 -م) في كتابه «العقد الفريد» ،با ًبا
تحت عنوان« :باب في ال ّصمت» ،واختّصه -أي ًضا- اليمامة ،وقد تب ّدل حالها -بعد مقتل أبيها -فصار ْت
«زهرة تتسر ّبل –وهي في سنوات ال ّصبا -بثياب
ابن أبي الدنيا (838م894 -م) «كتاب ال ّصمت ال ِحداد» ومن قبل كانت إن عاد:
وأدب اللّسان».
« -تعدو على َد َر ِج القصر،
في بلاغة ال ّصمت ُتفأمرسفعكهاسا-قو َّيهيعندضنازحوكل ٌةي.-. -
-
ك ّل هذا -وأكثر -يد ُل على ترجيح ِكفة ال ّصم ِت
على الكلام ،فكما قيل «إذا أعجب َك الكلا ُم فاص ُمت». -فوق ظهر الجواد
ال َّصم ُت فضيلة وقيمة ،ومن ث ّم ،كان كتمان ال ّس ّر -ها هي الآن« ..صامت ٌة» بعد أن حرمتها «يد
الغدر» من كلمات أبيها /من ارتداء الثياب الجديدة/
من أن يكون لها -ذات يوم – أخ /من أ ٍب يتب َّسم في
عرسها /..وتعود إليه إذا الزو ُج أغضبها( »..أمل
دنقل :أقوال جديدة عن حرب البسوس)