Page 30 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 30
العـدد ١٩ 28
يوليو ٢٠٢٠
مدخل أحد المسارح ،لا يعرف المرء أي واحد يجب فهو يأمل بعد أن تفوز ألمانيا على فرنسا في معركة
أن ُيسمح له بالدخول أو ًل»( .ص)39 شريفة ،أنها سوف تم ّد لها يد ال ّصداقة والمساعدة،
بل أنها تنوي أن تعيش معها -في إطار ال ّصداقة-
ث ّم يحكي عن وقع دخوله «سانت» أ ّول مرة ،و َو ْقع
استقبال الناس لهم ،فبادئ الأمر كان سعي ًدا حياة هانئة مبنية على ُحسن الجوار.
لأن المه ّمة ستكون سهلة ،فقد أحسن ال ُّسكان بل أخذت أحلامه مسا ًرا آخ َر بأن ُيكمل حياته هنا
استقبالهم .وما إن عرف أن السبب هو الجبن ،حتى فكما يحلم« :يجب عليَّ لأن أعيش هنا في منزل
أعلن عن احتقاره لهؤلاء الناس ،بل كما يقول «وقد ُمشابه لهذا المنزل ،مثل ابن مشابه لقرية مشابهة
لهذه القرية»(ص .)46وهذا لم يمنع -في الوقت
خفت على فرنسا ،كنت أفكر :هل أصبحت هكذا نفسه -أنه كان يطمح ويأمل أن ُته ِّذ َب فرنسا –
ح ًّقا؟ لكن المفاجأة أنه عرف الوجه القاسي لها .بل قلي ًل -من الغطرسة الألمانيّة و ُتشذب غصونهم،
في لحظة من لحظات البوح يعترف أنه بحاجة إلى
فرنسا ،بل يطلب منها «أن تستقبله» فهو لا يريد فتجعلهم ُيقلعون عن القسوة وال ُع ْنف .والأدهى
أن يكون عندها مثل الغريب .ويتمنى أن يعيش في -وهذا تأثير الأيديولوجيا والإعلام التعبو ّي -أنه
منزل ُمشابه لهذا المنزل -منزل العم وابنة الأخ- كان يؤمن بأن الحرب التي شنّها هتلر في أوروبا،
فثراءها العظيم ،ليس بوسع أحد أن يغزوه ،يجب
أن يشرب المرء من ثديها ،يجب أن تقدم إليك ثديها يقصد بها خلق جو من الوئام وال ّسلام بين
القطر ْين المتجاور ْين ،فيكون أحدهما الآخر ،وتتوثق
بحركة الأمومة وعاطفتها»( .ص)45
يشير الضابط إلى مسألة غاية في الأهمية ،ووصفي أواصر ال ّصداقة والحب المُتبادل بينهما.
ينقل الضابط -بكل أسى -إليهما مشاعره عن
له بالضباط -هنا تحدي ًدا -لأنه يحكي عن تجربة الحرب ،واعتبار هذه الحرب آخر الحروب ،وأنه
ُمه ّمة ،فالخونة والعملاء هم مفاتيح المُدن ال ّصا ِمدة بعدها سيتزوج ،وبالمثل ُيص ّرح بإعجابه الشديد
بفرنسا وروحها الماثلة في الأدباء ،فكما يقول عندما
والمقاومة ،فالضابط يقول :إن الهزيمة لم تأت يأتي ذكر فرنسا« :يبرز على التو؟ موليير؟ راسين؟
بسبب ال ّسلاح أو القوة والغلبة أثناء المعركة وإنما هوجو؟ ..إ ّنهم يتزاحمون مثل جمهور غفير عند
في الخونة« :كان حت ًما أن بيبع أحدهم وطنه ،لأن
امل دنقل
اليوم -اليوم ولأمد طويل -لا يمكن لفرنسا أن
تسقط بين ذراعينا المفتوحت ْين دون أن تح ّس بأنها
قد أضاعت كبرياءها الخاص»( .ص)54
وهذه حقيقة مؤ ّكدة ،فمعظم المُدن -قدي ًما وحديثًا-
التي سقطت ،سقطت بيد العملاء ،الذين سلَّ ُموها،
ومع الأسف هم عملاء الداخل وليس الخارج.
انكسار ال ُحلم
تستمر العلاقة ال َح ِذرة وال ّصامتة بين الطرفين:
الضابط والعم وابنة أخيه ،حتى يأتي في يوم من
الأ ّيام ويخبرهم بأنه سيقضي إجازته في باريس
-المدينة التي عشقها -وبالفعل يذهب ،ويغيب
أسبوع ْين وهنا يحد ُث تط ّور خطير ،وهو ما يشي
بدلالة خطورة فعل التع ّود -حتى ولو كان مع
العدو -فالع ّم العجوز والفتاة ُيما ِرسان حياتهما –
فقد قطعا ميثا ًقا خفيًّا من قبل بأ ّل «يحدث لحياتهما