Page 189 - m
P. 189

‫الملف الثقـافي ‪1 8 7‬‬

 ‫المعنى من حرصه على تصوير‬            ‫وسبقوه هم إلى الصبية»(‪.)34‬‬   ‫العميد حادثة غرق «أم تمام» في‬
   ‫موقف الآخرين من النهايات‬       ‫والمُلاحظ أخي ًرا‪ ،‬أن الشخصيات‬  ‫قصة «المعتزلة» فيقول «ويراها‬
  ‫المأساوية التي تصيب أبطاله‬                                        ‫بعض أهل القرية ذات يوم قد‬
                                     ‫البائسة التي حصدها الموت‪،‬‬    ‫خرجت قبل أن يرتفع الضحى‪،‬‬
 ‫بينما يمضي الناس في حياتهم‬           ‫سواء ذهبت هي إليه بدافع‬
   ‫ويتقلبون في أحوالهم وكأن‬          ‫من البؤس ومن القهر أو أتى‬        ‫وأخذت بيد ابنتها‪ ،‬وجعلتا‬
   ‫شيئًا لم يحدث‪ .‬وليس هناك‬        ‫هو إليها فجأة‪ ،‬إنما كان موتها‬     ‫تسعيان في بطء نحو الغرب‪،‬‬
  ‫أبلغ من خاتمة قصة «قاسم»‬           ‫بالنسبة لوعي الآخرين يمثل‬      ‫فيقول بعضهم لبعض هذه أم‬
   ‫تعبي ًرا عن هذا المعنى‪ ،‬عندما‬   ‫نو ًعا من الفقد والغياب‪ ،‬فبعض‬   ‫تمام قد ملَّت البطالة‪ ،‬وسئمت‬
                                    ‫الحادثات تعمد طه حسين أن‬       ‫الكون وشق عليها وعلى ابنتها‬
‫يقول العميد‪« :‬ولكن الغريب أن‬        ‫يتركها دون برهنة على حقيقة‬    ‫الجوع‪ ،‬فخرجتا تلتمسان الرزق‬
‫الأحياء من الناس الذين أتيحت‬                                       ‫وتبتغيان من فضل الله‪ .‬ولكن‬
‫لهم قلوب تشعر‪ ،‬وعقول تفكر‪،‬‬              ‫وقوعها‪ ،‬فقط حرص على‬          ‫النهار لا يكاد ينتصف حتى‬
‫ونفوس تميز بين الخير والشر‪،‬‬          ‫تجسيد معناها ودلالاتها كما‬   ‫يأتي نفر من الفلاحين يحملون‬
‫ونعيم كان خلي ًقا أن يلفتهم إلى‬   ‫رآها الآخرون وعايشوها وتنبع‬      ‫جثة قد شاع فيها الموت‪ ،‬وجثة‬
                                  ‫جمالية الإبداع هنا من أن تماهي‬  ‫أخرى تمتنع على الموت امتنا ًعا‪،‬‬
   ‫جحيم البؤس‪ ،‬هؤلاء الناس‬           ‫وقائع الموت مع معاني الفقد‬     ‫قد رأوا أم تمام تغرق نفسها‬
   ‫يمضون حياتهم كما يمضي‬              ‫والغياب‪ ،‬إنما يتسق ونظرة‬      ‫وابنتها في القناة الإبراهيمية‪،‬‬
   ‫الليل والنهار إلى غايتهما‪ ،‬لا‬                                  ‫فأسرعوا إلى استنقاذهما‪ ،‬ولكن‬
‫يحفلون بأمونة ولا بسكينة ولا‬           ‫العميد للبؤساء باعتبار أن‬
‫بقاسم‪ ،‬شغلتهم أنفسهم عن كل‬          ‫وجودهم المفرط يتساوى لدى‬           ‫الموت سبقهم إلى الشيخة‪،‬‬

     ‫شيء وعن كل إنسان»(‪)35‬‬           ‫الآخرين بالعدم‪ .‬ويتأكد هذا‬

              ‫‪ -10‬نفسه‪ ،‬ص‪.39‬‬                                   ‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ -11‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الموضع‪.‬‬
                                  ‫‪ -1‬طه حسين‪ ،‬ما وراء النهر (القاهرة‪ :‬دار المعارف‪،‬‬
     ‫‪ -12‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬             ‫الطبعة الرابعة‪ ،‬دون سنة نشر) صص‪.6-5‬‬
              ‫‪ -13‬نفسه‪ ،‬ص‪.51‬‬                             ‫‪ -2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.9‬‬
                                                                 ‫‪ -3‬نفسه‪ ،‬ص‪.10‬‬
      ‫‪ -14‬نفسه‪ ،‬صص‪.54 -53‬‬
              ‫‪ -15‬نفسه‪ ،‬ص‪.73‬‬        ‫‪ -4‬د‪.‬كمال الدين عيد‪ ،‬أعلام ومصطلحات المسرح‬
              ‫‪ -16‬نفسه‪ ،‬ص‪.74‬‬          ‫الأوربي‪( ،‬الإسكندرية‪ :‬دار الوفاء لدنيا الطباعة‬
                                                    ‫والنشر‪ ،‬سنة ‪ ،)2006‬ص‪.108‬‬
         ‫‪ -17‬نفسه‪ ،‬صص‪.9 -8‬‬                        ‫‪ -5‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الموضع‪.‬‬
              ‫‪ -18‬نفسه‪ ،‬ص‪.14‬‬           ‫‪ -6‬طه حسين‪ ،‬المعذبون في الأرض‪( ،‬القاهرة‪:‬‬
                                      ‫مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة‪ ،‬سنة ‪)2013‬‬
‫‪ -19‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الموضع‪.‬‬                                             ‫ص‪.17‬‬
       ‫‪ -20‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.18‬‬                              ‫‪ -7‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬
              ‫‪ -21‬نفسه‪ ،‬ص‪.19‬‬                      ‫‪ -8‬نفس المرجع‪ ،‬صص‪.26 -25‬‬
                                                                ‫‪ -9‬نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬
      ‫‪ -22‬نفسه‪ ،‬صص‪.31 -30‬‬
       ‫‪ -23‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.31‬‬
             ‫‪ -24‬نفسه‪ ،‬ص‪.42‬‬
   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194