Page 196 - m
P. 196

‫العـدد ‪59‬‬                           ‫‪194‬‬

                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬                      ‫استحضر الجو التاريخي‬
                                                                    ‫الأموي الذي تكونت فيه‬
    ‫العذري نشأ نشأة أموية‬            ‫نقا ًدا آخرين كثر اندمجوا‬   ‫الظاهرة العذرية؛ ليؤكد أنها‬
‫بدوية جديدة لا عهد بالمجتمع‬       ‫في أفق توقعه‪ ،‬وأخذوا برأيه‬     ‫أموية وليست جاهلية‪ .‬جملة‬
                                                                  ‫القول في خطاب طه حسين‬
   ‫الجاهلي بها نظ ًرا للظروف‬           ‫مع شيء من التصرف‬            ‫النقدي للشعر العذري أنه‬
 ‫السياسية والاجتماعية التي‬              ‫والتغيير‪ ،‬ومن هؤلاء؛‬        ‫ظل مأخو ًذا بالكشف عن‬
‫طرأت على المجتمع الحجازي‪.‬‬             ‫موسى سليمان في كتابه‬      ‫مختلف العلل المادية والمعنوية‬
                                      ‫(الحب العذري‪،)1947 ،‬‬      ‫الكامنة وراء الظاهرة العذرية‬
    ‫وهذا يعني أن طه حسين‬             ‫وعبد الستار الجواري في‬       ‫مع إصداره بعض الأحكام‬
     ‫كان قار ًئا قو ًّيا –بمفهوم‬     ‫أطروحته (الحب العذري‪:‬‬          ‫الانطباعية التي تتجه إلى‬
    ‫هارولد بلوم(*)– حيث لم‬          ‫نشأته وتطوره)‪ ،‬التي نال‬         ‫إبراز القيمة الفنية للشعر‬
    ‫يستطع القراء التالون له‬           ‫بها درجة الدكتوراه عام‬       ‫العذري‪ ،‬وبذلك يكون هذا‬
                                  ‫(‪ ،)1947‬وحسان أبي رحاب‬        ‫الخطاب قد جمع بين التحليل‬
      ‫أن يتحرروا من سلطة‬           ‫في كتابه (الغزل عند العرب‪،‬‬
  ‫آرائه النقدية حول الظاهرة‬            ‫‪ ،)1947‬ومحمد سامي‬              ‫التاريخي والاجتماعي‬
  ‫العذرية‪ ،‬بل حاولوا اجترار‬            ‫الدهان في كتابه (الغزل‬   ‫بمفهومهما الحديث والتقويم‬
 ‫آرائه النقدية‪ ،‬وذلك لأنهم لم‬           ‫منذ نشأته حتى صدر‬
 ‫يستطيعوا أن يحققوا مسافة‬            ‫الدولة العباسية‪،)1954 ،‬‬       ‫الفني كما وجد عند نقادنا‬
   ‫تخييلية بينهم وبين النص‬         ‫ومصطفى الشكعة في كتابه‬                          ‫القدامى‪.‬‬
   ‫العذري تحميهم من خطر‬              ‫(رحلة الشعر من الأموية‬
  ‫الوقوع تحت وطأة قراءته‪،‬‬           ‫إلى العباسية‪ ،)1970 ،‬فقد‬      ‫ولعل أخطر ما في تلقي طه‬
                                  ‫رأت هذه الدراسات أن الحب‬         ‫حسين للشعر العذري أن‬
    ‫مما جعل قراءتهم تنتهي‬
    ‫بالتبعية التامة لقراءة طه‬

                    ‫حسين‬

                                                                       ‫الهوامش‪:‬‬

       ‫‪ -1‬ينظر‪ ،‬طه حسين‪ :‬حديث الأربعاء‪ ،‬ج‪ ،1‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪( ،15‬د‪ .‬ت)‪ ،‬ص‪ 189‬وما بعدها‪.‬‬
                                                   ‫‪ -2‬ينظر‪ ،‬السابق‪ ،‬الجزء ذاته‪ ،‬ص‪ 201‬وما بعدها‪.‬‬
                                                          ‫‪ -3‬السابق‪ ،‬الجزء ذاته‪ ،‬ص‪ 194‬وص‪.218‬‬
                                                                   ‫‪ -4‬السابق‪ ،‬الجزء ذاته‪ ،‬ص‪.194‬‬

   ‫‪ -5‬ينظر‪ ،‬القاضي الجرجاني‪ :‬الوساطة بين المتنبي وخصومه‪ ،‬تحقيق‪ /‬محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي‬
‫محمد البجاوي‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طـ‪( ،3‬د‪ .‬ت)‪ ،‬ص‪ ،31‬والمرزوقي‪ :‬شرح ديوان الحماسة‪،‬‬

                  ‫نشره‪ /‬أحمد أمين وعبد السلام هارون‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1411 ،1‬هـ‪ ،1991/‬ص‪.8‬‬
                                         ‫‪ -6‬ينظر‪ ،‬طه حسين‪ :‬حديث الأربعاء‪،‬ج‪ ،1‬ص‪ 224‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ -7‬ديفيد فورثماكس‪ :‬نظريات الأدب الماركسية‪ ،‬ضمن أعمال كتاب النظرية الأدبية الحديثة (تقديم مقارن)‪،‬‬
                             ‫ترجمة‪ /‬سمير مسعود‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق‪ ،1992 ،‬ص‪.252‬‬
                                                           ‫‪ -8‬طه حسين‪ :‬حديث الأربعاء‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.7‬‬
                                                                    ‫‪ -9‬السابق‪ ،‬الجزء ذاته‪ ،‬ص‪.52‬‬
                                                   ‫‪ -10‬ينظر‪ ،‬السابق‪ ،‬الجزء ذاته‪ ،‬ص‪ 189‬وما بعدها‪.‬‬
                                                                  ‫‪ -11‬السابق‪ ،‬الجزء ذاته‪ ،‬ص‪.220‬‬
                                                                  ‫‪ -12‬السابق‪ ،‬الجزء ذاته‪ ،‬ص‪.222‬‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201