Page 200 - m
P. 200
العـدد 59 198
نوفمبر ٢٠٢3 في مضبطة مجلس النواب
المصري في تلك الدورة عام
حسين عبارة عن وعي نقدي في كتابه «الأهرام ديوان ،1926تقول إن الغالبية من
ُي َم ِّكن صاحبه من التوفيق الحياة المعاصرة» ،أن الأهرام المعارضة الوفدية وقفت إلى
بين الوافد من لدن الآخر اتخذت موق ًفا معاد ًيا من طه جانب الاستجواب ،وطالبت
المتقدم ،وبين الموروث الذي بطرد طه حسين من التعليم
يمثل الهوية الذاتية. حسين.
فلم يكن في مشروع طه ومن ثم كانت هذه المحنة الجامعي ،باستثناء علي
حسين التنويري غل ٌّو ولا الشمسي وزير المعارف
كاشفة عن غياب الفكر حينذاك الذي قال« :إننا
دعوة إلى التغريب التام ومحو التنويري في المجتمع نطمع في أن تكون الجامعة
التراث ،فلم يكن متنص ًل مع ًهدا طل ًقا للبحث العلمي
المصري ،فكان هذا الدافع الصحيح» ،في حين جاء
من قيم الإسلام -كما تزعم واح ًدا من أهم الدوافع التي موقف الزعيم «سعد زغلول»
التيارات والمذاهب الأصولية- دفعت طه حسين بعد ذلك على خلاف ذلك ،وقال« :إن
حيث إن طه حسين لم يهمل إلى أن يأخذ على عاتقه مهمة مسألة كهذه لا يمكن أن تؤثر
تنوير الجماهير العريضة؛ في الأمة المتمسكة بدينها،
الموروث الإسلامي ودوره من أجل تحقيق التقدم العلمي هبوا أن رج ًل مجنو ًنا يهذي
في بناء الحضارة المنشودة، في الطريق ،فهل يضير
بل عمل على تعديله ونقده واللحاق بركب الحضارة العقلاء شيء من ذلك؟ إن
ليتخلص من كل الشوائب المدنية -الغربية -الحديثة. هذا الدين متين ،وليس الذي
التي لحقت به فجعلته أقرب شك فيه زعي ًما أو إما ًما
ماهية التنوير نخشى من شكه على العامة،
إلى الخرافات والأساطير. عند طه حسين فليشك من شاء ،وما علينا إن
ولإحداث التنوير المنشود لم تفهم البقر» ،وعلى الرغم
-من خلال وجهة نظر طه ربما كان لغياب الفكر من هذا أرغم النائب الوفدي
حسين -لا بد من إعادة التنويري لفترة طويلة أثره على سحب استجوابه بعد أن
النظر من منظور تنويري الفعال على مفهوم التنوير هدد عدلي يكن بالاستقالة من
إلى موقع الحرية في بلادنا، ذاته ،حيث أصبح مفهو ًما
إشكاليًّا ،لا تستطيع معه أن رئاسة الوزراء(.)4
وحال التعليم ،وواقع تضع تعري ًفا جام ًعا مان ًعا في الأمر الثاني اللافت للنظر
الثقافة ،والعلاقة بين الدين مواجهة الدعوات التي تقلل أن جريدة الأهرام صاحبة
والعلم ،وحقيقة الموقف من من شأن العقل ،وتقلل من التوجه الليبرالي شنت معركة
مدنية الدولة ..إلخ .وهذا ما شأن الاجتهاد والتجديد حين ضارية على الكتاب وصاحبه،
سوف نلمحه بصورة جلية يكون أم ًرا ضرور ًّيا؛ ولذلك وأفردت صفحاتها للنيل
وواضحة من خلال عرض كان استحضار جواب التنوير
وتحليل أهم ملامح مشروعه عند طه حسين أم ًرا ضرور ًّيا. من طه حسين وأفكاره
وينجلي معنى التنوير عند الإلحادية ،ونشرت لمشايخ
التنويري. الأزهر ومدرسي دار العلوم
طه حسين في الدعوة إلى مطولات في ذم طه حسين
مشروع طه حسين العقلانية ،وإعمال العقل،
التنويري والتأكيد على الإبداع الذاتي وكتابه ،وبحسب وصف
للعقل في علاقته بالماضي الدكتور يونان لبيب رزق
لم يكن طه حسين مفك ًرا والحاضر ،أو في موقفه
مجد ًدا عاد ًّيا وإنما كان له من «ميراث الأنا» و»إنجاز
مشروع ثقافي تنويري يمكن الآخر» .فالتنوير عند طه
البناء عليه ،حيث كان طه