Page 203 - m
P. 203
201 الملف الثقـافي
«مراقبة الثقافة العامة» المجتمع للنهوض ،فدور الإطلاق للوصول إلى التنوير.
التابعة لوزارة المعارف التي المثقف لديه أن يفهم حياة وما إن قامت الثورة حتى
عنيت بنشر الكتب المترجمة الناس من حوله ،ويعرف تضامن معها ،ومنحها لقب
موضع حاجتهم إلى الانتفاع «ثورة» ،من خلال مقال له
والمؤلفة أي ًضا ،ومشروع
الـ»ألف كتاب» ،وسلسة بالثقافة ،فالمثقف الذي نشر بجريدة الأهرام بعنوان
«المكتبة العربية» ،كما عملت يعيش بين الناس ولا يفهم «أهداف الثورة» أكد فيه
مجلة «الكاتب المصري» حياتهم ولا يتعمق في نظمهم على أن التعليم «يجب أن
التي أنشأها طه حسين عام الاجتماعية والسياسية ولا
1954وأشرف عليها ورأس يكون قبل كل شيء ،وبعد
تحريرها ،على إنعاش الحركة يلاحظ نشاطهم اليومي كل شيء ،وفوق كل شيء،
الثقافية بشكل جد كبير، عاجز كل العجز أن ينفعهم التعليم الذي يجعل المصري
وقد راعت هذه المجلة منذ
عددها الأول أن تجمع بين حق النفع. إنسا ًنا يحتال للفقر حتى
أصالة القديم ،وحيوية الجديد وقد أكد طه حسين على يتخلص منه ،ويحتال للعلة
أهمية دور الدولة في تشجيع
ومآثره. المواهب ،وتقديم الجوائز حتى يبرأ منها ،ويتحدث
للنابغين ،وضرورة أن تشعر إلى الناس فيفهمون عنه،
أهمية الحرية في الدولة بواجبها ،ومن ثم ويتحدث إليه الناس فيفهم
مشروع طه حسين يجب عليها «أن تنظم للأدباء عنهم ،وينهاه المصلحون
من الجوائز وألوان التشجيع فينتهي ،ويدعوه المصلحون
التنويري ما هم في حاجة إليه ،وليس
هذا كل ما ينبغي أن يظفر إلى الخير فيجيب»(.)9
إذا كان التنوير في حاجة
إلى العقلانية فهو أي ًضا في به الأدب والأدباء من دور الثقافة في
حاجة إلى الحرية التي هي تشجيع الدولة والشعب ،بل مشروع طه حسين
أهم لزوميات التنوير ،فقد هناك شيء آخر لعله أعظم
كانت حياة طه حسين منذ خط ًرا من المال وهو الحرية، التنويري
بدايتها إلى نهايتها كفا ًحا دائبًا فالأدباء عندنا ليسوا أحرا ًرا
في سبيل الحرية والتحرر لا تقل الثقافة أهمية عن
لا بالقياس إلى الدولة ولا التعليم عند طه حسين في
والانطلاق ،والقدرة على بالقياس إلى القراء»(.)11 مشروعه التنويري ،فهي
استخدام العقل بعي ًدا عن كل تعد أول الأشياء وأعظمها
قام طه حسين بدور هام خط ًرا وأبلغها أث ًرا في توحيد
أشكال الوصاية والتبعية. فاعل ومؤثر من أجل إنعاش الأمة العربية ،وجمع كلمتها،
فقد كان دائ ًما في سعي حثيث وتوجيهها إلى الحق والخير
وتجديد الثقافة في مصر، والرقي إذا ما أرادت الأمة
دؤوب للابتعاد عن كل ما فحرص على أن تكون العربية أن تجدد من ثقافتها.
من شأنه أن يحد من الحرية أما عن أهمية دور المثقف
والانطلاق والإبداع ،في جميع المكونات الثلاثة للتحديث فإنه يرى أن على المثقف
الثقافي موجودة وحاضرة،
المجالات الثقافية والفكرية أول هذه المكونات :احتذاء مسؤولية الوصول إلى
والاجتماعية والسياسية؛ المجتمع وليس العزلة وترك
إذ إن حرية الفكر والعقل الغرب ،وثانيهما :إحياء الجهل ينهش في ضمير الأمة،
-وهما أداتا الإبداع والابتكار التراث العربي الإسلامي،
ومصدر التنوير -هي الوجه والمكون الثالث هو :إحياء ودراسة عقبات النهضة
الشخصية المصرية ،وقد والإصلاح وما يحتاجه هذا
تمثلت جهوده في إنشاء