Page 205 - m
P. 205

‫‪203‬‬             ‫الملف الثقـافي‬

‫يونان لبيب رزق‬  ‫نجيب الهلالي‬    ‫علي الشمسي‬                       ‫الشكي‪ ،‬فإن الحقائق الدينية‬
                                                                       ‫ليست ملزمة للخطاب‬
    ‫إليهم وإلى القراء أي ًضا»‪.‬‬     ‫مقاو ًما للتخلف والرجعية‬
  ‫أو ًل‪ :‬الإصلاح السياسي‪:‬‬          ‫والجمود والفكر المتحجر‪،‬‬          ‫العلمي‪ ،‬بل متمايزة عنه‪،‬‬
                                ‫وقد انتصر للتنوير والحداثة‪،‬‬        ‫فلا يلزم عن القص الديني‬
     ‫كان طه حسين منخر ًطا‬                                           ‫التسليم به على أنه حقيقة‬
        ‫واعيًا بأهمية الحرية‬         ‫وأدرك أن هذه الأمة لن‬        ‫موضوعية تاريخية لا تقبل‬
                                   ‫تصلب قامتها إلا بالتعليم‬      ‫الشك أو النكران‪ ،‬فإذا كانت‬
  ‫السياسية في مجال التنوير‬                                         ‫التوراة تحدثنا عن إبراهيم‬
   ‫والانفكاك من أ ْسر التقليد‬         ‫والحرية‪ ،‬فالشعوب لن‬         ‫أو إسماعيل‪ ،‬والقرآن أي ًضا‬
 ‫والجمود‪ ،‬وكانت مبادؤه في‬          ‫تنتصر على الفقر والمرض‬
‫السياسة قائمة على طائفة من‬       ‫والجهل إلا بالمعرفة والعدالة‬       ‫يحدثنا عنهما أي ًضا‪ ،‬فإن‬
 ‫الأصول‪ ،‬أهمها‪ :‬إقامة دولة‬         ‫والديمقراطية‪ ،‬ولن يتحقق‬       ‫ورودهما في التوراة والقرآن‬
  ‫مدنية حديثة يسودها حكم‬            ‫ذلك إلا من خلال الحفاظ‬
 ‫القانون‪ ،‬بعي ًدا عن الاختلاط‬     ‫على التراث العربي العريق‪،‬‬         ‫لا يكفي لإثبات وجودهما‬
    ‫بالدين‪ ،‬دولة تكفل حرية‬       ‫والاهتمام بالفنون العصرية‬                     ‫التاريخي(‪.)14‬‬
‫مواطنيها‪ ،‬والانتصار لقضايا‬      ‫وضرورة تعلمها مثل المسرح‬
‫العدالة الاجتماعية والمساواة‪،‬‬     ‫والسينما حيث يقول عنها‪:‬‬         ‫الرؤية الإصلاحية‬
                                 ‫«هذا الفن الطارئ على لغتنا‬        ‫عند طه حسين‬
     ‫ودعم حق المصريين في‬
   ‫التعليم والمعرفة والصحة‬           ‫العربية من أقوم الفنون‬          ‫كان التجديد والإصلاح‬
                                 ‫الأدبية وأرقاها وأبلغها أث ًرا‬        ‫في الفكر والرؤى هما‬
                  ‫والثقافة‪.‬‬        ‫في إمتاع النفوس وتصفية‬             ‫السمة البارزة لتجربته‬
      ‫ولعله من أوائل ال ُكتاب‬
   ‫والمفكرين الذين تنبهوا إلى‬      ‫الأذواق‪ ،‬وهو لا يتجه إلى‬      ‫التجديدية الإصلاحية الممتدة‬
    ‫أن الشعر العربي ُو ِّظف‪،‬‬      ‫النظارة وحدهم وإنما يتجه‬          ‫لأكثر من ستين عا ًما من‬
                                                                   ‫الدراسة والبحث والتنقيب‬
                                                                    ‫والكشف والرصد لأبعاد‬
                                                                   ‫المكونات الذاتية التاريخية‬
                                                                     ‫والاجتماعية والسياسية‬
                                                                    ‫للثقافة العربية‪ .‬ومن بين‬

                                                                 ‫القضايا التي طرحها وكانت‬
                                                                       ‫محل اهتمامه إصلاح‬

                                                                 ‫التعليم‪ ،‬وتوطيد العلاقة بين‬
                                                                  ‫الشرق والغرب على أساس‬
                                                                  ‫الشراكة في صنع الحضارة‬
                                                                 ‫الإنسانية‪ ،‬ومناصرة الجديد‬
                                                                  ‫في الأدب‪ ،‬والإقرار بحقوق‬

                                                                     ‫المرأة في التعليم والعمل‬
                                                                 ‫والمشاركة السياسية‪ ،‬فض ًل‬

                                                                      ‫عن الإصلاح السياسي‬
                                                                       ‫والاجتماعي‪ ..‬إلخ(‪.)15‬‬
                                                                      ‫عاش طه حسين حياته‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210