Page 209 - m
P. 209

‫‪207‬‬       ‫الملف الثقـافي‬

‫د‪.‬سميرة‬   ‫«دعاء الكروان» بين الأدبي والسينمائي‪..‬‬     ‫تحقيق هذا الهدف وتحاول‬         ‫كانت الإشارة دائ ًما إلى‬
‫أبو طالب‬      ‫اتفاق البدايات واختلاف زاوية الرؤية‬     ‫اخضاع الفنين معا لقراءة‬
                                                   ‫نقدية يتكامل فيها الأدبي مع‬          ‫احتفاء السينما بأعمال‬
                                                                                      ‫طه حسين الأدبية ‪-‬علي‬
                                                                 ‫السينمائي(*)‪.‬‬     ‫قلتها‪ -‬مقترنة بالحديث عن‬
                                                         ‫وإذا كانت رواية «دعاء‬      ‫النجاحات التي حققتها تلك‬
                                                         ‫الكروان» ليست النص‬        ‫الأعمال على الصعيد الأدبي‬
                                                     ‫الأدبي الوحيد من نصوص‬             ‫أو السينمائي من حيث‬
                                                       ‫«طه حسين» الذي عرف‬             ‫الإقبال عليها بالقراءة أو‬
                                                      ‫طريقه إلى السينما(‪ ،)1‬فإنه‬    ‫المشاهدة‪ ،‬أو حتى الجوائز‬
                                                     ‫النص الوحيد الذي توفرت‬           ‫التي حصلت عليها‪ ،‬دون‬
                                                     ‫له عوامل النجاح سينمائيًّا‪،‬‬       ‫أن يتوقف النقد بتناول‬
                                                         ‫ليتم اختياره في المرتبة‬    ‫موضوعي لما يجمع الفنين‬
                                                      ‫الرابعة عشر ضمن قائمة‬         ‫‪-‬الأدبي والسينمائي‪ -‬على‬
                                                      ‫أفضل مائة فيلم في القرن‬        ‫ساحة تلك الأعمال؛ سواء‬
                                                      ‫العشرين؛ بد ًءا من المخرج‬      ‫من حيث أوجه الاتفاق أو‬
                                                   ‫هنري بركات الذى ق ّدم قراءة‬      ‫الاختلاف في طرق التعبير‬
                                                       ‫واعية للنص الأدبي الذي‬       ‫الخاصة بكل فن على حدة‪.‬‬
                                                   ‫كتبه طه حسين‪ ،‬وبفهم عميق‬          ‫ولا يتوقف هذا الأمر على‬
                                                     ‫للشخصيات التي يقدم لها‪،‬‬           ‫الأعمال الأدبية الخاصة‬
                                                     ‫فض ًل عن البيئة التي تدور‬        ‫بـ»طه حسين» على وجه‬
                                                        ‫فيها الأحداث والموروث‬        ‫التحديد؛ بل إن التأسيس‬
                                                     ‫الثقافي الذي يحرك الأفكار‬       ‫لهذا النوع من النقد الذي‬
                                                        ‫فيها‪ ،‬مرو ًرا بالسيناريو‬        ‫يقوم على وضع النص‬
                                                   ‫والحوار الذي صاغه يوسف‬             ‫الأدبي في مواجهة الفيلم‬
                                                   ‫جوهر‪ ،‬والذي يستمد جذوره‬            ‫السينمائي‪ ،‬واستخلاص‬
                                                       ‫من أرضية النص الأدبي‬         ‫قدرة كل منهما على التعبير‬
                                                        ‫الخصبة التي م َّكنته من‬   ‫بشكل جيد عن واقع القضية‬
                                                       ‫تقديم لغة حوارية سلسة‬        ‫التي يتناولها‪ ،‬وأي ًضا رسم‬
                                                     ‫ومعبرة‪ ،‬انتهاء إلى الموسيقا‬   ‫الشخصيات والأحداث التي‬
                                                     ‫التصويرية التي استخدمها‬      ‫تتحرك على ساحتها‪ ،‬لم يكن‬
                                                     ‫«أندريه رايدار» في تجسيد‬          ‫واضح المعالم أو مكتمل‬
                                                      ‫البعد النفسي للشخصيات‬       ‫الأركان‪ ،‬على الرغم من بعض‬
                                                      ‫وما يضطرب بداخلها من‬        ‫الأصوات التي انتبهت مبك ًرا‬
                                                       ‫مشاعر الخوف والغضب‬             ‫لطبيعة هذه العلاقة التي‬
                                                    ‫والثورة‪ ،‬حتى أصبحت تلك‬         ‫تجمع بين الأدب والسينما‪،‬‬
                                                       ‫الموسيقا هي اللغة الأكثر‬     ‫ومع تنامي هذا الاتجاه في‬
                                                      ‫حضو ًرا في مشاهد الفيلم‪،‬‬     ‫التناول النقدي‪ ،‬رأينا بعض‬
                                                       ‫تتقاسم مع الصورة قوة‬             ‫الدراسات التي قدمتها‬
                                                                                   ‫الجامعة المصرية تقترب من‬
                                                                      ‫تعبيرها‪.‬‬
   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214