Page 206 - m
P. 206

‫العـدد ‪59‬‬                          ‫‪204‬‬

                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬                         ‫قدي ًما‪ ،‬في معظم حقب‬
                                                                 ‫التاريخ الإسلامي‪ ،‬كسلاح‬
  ‫كثيرة هي القيم التي ينبغي‬            ‫الشعب فيها هو مصدر‬       ‫في الدعاية والدعاية المضادة‪،‬‬
‫أن تبقى من طه حسين والتي‬          ‫السلطات‪ ،‬والدولة التي تطبق‬
                                                                    ‫فتجاوز وظيفته الأدبية‪،‬‬
  ‫ينبغي أن نحرص عليها إذا‬           ‫الديمقراطية بشكلها الأمثل‬     ‫فكان وسيل ًة دعائية باسم‬
    ‫كنا نريد مستقب ًل ناه ًضا‬         ‫هي الدولة الأثيرة عنده‪،‬‬     ‫نظم «حيث كان لكل حزب‬
     ‫مستني ًرا قائ ًما على العلم‬
 ‫والمعرفة وإعمال العقل‪ ،‬ومن‬       ‫حيث إن الديمقراطية وحدها‬           ‫من الأحزاب السياسية‬
 ‫هذه القيم حرصه البالغ على‬            ‫هي التي تحمي الحريات‬        ‫شاعره أو شعراؤه‪ ،‬وكان‬
   ‫تحقيق العدالة الاجتماعية‪،‬‬         ‫الأساسية للإنسان‪ ،‬ومن‬       ‫هؤلاء الشعراء يدافعون عن‬
    ‫حيث عرف حياة بسطاء‬                ‫ثم كان تأكيده على كافة‬    ‫أحزابهم ويهاجمون الأحزاب‬
                                       ‫الحريات بما فيها حرية‬    ‫الأخرى‪ ..‬كما كانت الصحف‬
     ‫الناس‪ ،‬وتعاطف معهم‪،‬‬                           ‫الصحافة‪.‬‬        ‫تفعل عندنا‪ ،‬وكما لا تزال‬
  ‫فصار وجودهم حاض ًرا في‬
‫نصه الأدبي وماث ًل في رؤيته‬         ‫ومن ثم كان يرى ضرورة‬             ‫تفعل في بلاد كثيرة(‪.)16‬‬
  ‫الفكرية‪ ،‬على نحو ما يظهر‬            ‫تحييد السياسة‪ ،‬فحينما‬            ‫ومن الحرية الفكرية‬
                                      ‫استطاعت الدول الغربية‬
    ‫في مقاله الهام «من وحي‬            ‫تحييد السياسة تقدمت‪،‬‬        ‫والثقافية انتقل طه حسين‬
  ‫الريف» وغيره من المقالات‬           ‫واستطاعت حكوماتها أن‬         ‫إلى الحرية السياسية‪ ،‬فقد‬

                   ‫الأخرى‪.‬‬          ‫تمشي على قدميها دون أن‬           ‫كانت الأولى هي الوجه‬
    ‫ومن بين الجهود الفكرية‬            ‫تعتمد على عصا دينية أو‬     ‫الآخر للثانية‪ ،‬وهي السبيل‬
 ‫التي تحسب له أي ًضا موقفه‬            ‫علمية‪ ،‬لأن فكرة الوطنية‬   ‫الضرورية لبلوغها‪ ،‬كان طه‬
   ‫من قضية المرأة‪ ،‬واهتمامه‬          ‫وما يتصل بها من المنافع‬    ‫حسين مفك ًرا مهت ًّما بقضايا‬
                                       ‫الاقتصادية والسياسية‬
     ‫بحقوق المرأة في التعليم‬           ‫الخالصة قامت الآن في‬         ‫وطنه وأمته وقد مارس‬
‫والعمل والمشاركة السياسية‪،‬‬               ‫تكوين الدول وتدبير‬          ‫العمل السياسي حينما‬
                                                                 ‫اختارته حكومة الوفد قبيل‬
   ‫فقد اقترح طه حسين على‬           ‫سياستها مقام فكرة الدين‪،‬‬       ‫ثورة يوليو ‪ 1952‬كوزي ًرا‬
   ‫«نجيب الهلالي» الذي كان‬         ‫أو مقام النظريات الفلسفية‬
   ‫وزي ًرا للمعارف آنذاك بأن‬      ‫الميتافيزيقية التي كانت تقوم‬                   ‫للمعارف‪.‬‬
 ‫تكون مدرسة المعلمين العليا‬         ‫عليها الحكومة من قبل(‪.)17‬‬     ‫وكان يرى أن الديمقراطية‬
  ‫مختلطة بين الجنسين‪ ،‬على‬         ‫ثان ًيا‪ :‬الإصلاح الاجتماعي‪:‬‬   ‫هي الطريقه الفضلى لتحقيق‬

     ‫غرار ما قامت به وزارة‬                                                          ‫الحرية‬
                                                                                  ‫المنشودة‬
                                                                                  ‫في المجال‬
                                                                                ‫السياسي‪،‬‬
                                                                                   ‫والدولة‬
                                                                               ‫الديمقراطية‬
                                                                               ‫‪-‬في نظره‪-‬‬
                                                                                  ‫هي التي‬

                                                                                    ‫تستند‬
                                                                                 ‫إلى الحياة‬

                                                                                   ‫النيابية‪،‬‬
                                                                                    ‫ويكون‬
   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211