Page 213 - m
P. 213
الملف الثقـافي 2 1 1
يوسف جوهر هنري بركات أندريا رايدر عودتها وكيف ف َّرقت نفسها
تفري ًقا« :حين كنت ذاهبة
أقوى ما يفرض نفسه عنه ،وفي حرية قد دفعت إلى الغرب ،تركت بعضها
علينا منذ البداية عندما إليها وهي تريد أن تنغمس
نواجه الفيلم ،بل الزمن»(،)8 في بيت العمدة الذي ضيَّفنا،
بل يقوم على اختيار مكان، فيها انغما ًسا»(.)7 حين سمعت لحديث أختي
ويعيد تشكيل الحكاية إن فهم دوافع الشخصيات،
من خلاله ،لذا فقد اختفت وحين سمعت لحديث أولئك
في النسخة الفيلمية من والعلاقات التي تربطها النساء ،وتركت بعضها لهذه
«دعاء الكروان» أماكن بالأماكن التي تحيا فيها، الأشباح الحمراء التي كانت
عدة ذكرتها الرواية وكان وأي ًضا الإطار الفكري الذي تتراءى لنا حين كنا نتحدث
الهدف منها هو تعميق يحرك تلك الشخصيات؛
الإحساس بوقع المكان على سطح الدار أو حين
وتأثيره على الشخصية، هو المفتاح الرئيسي كان يمضي بنا الجملان في
فكان استخدام طه حسين لتجسيد هذا العالم والكون الطريق الصامتة وقد تقدم
للمتردافات المختلفة في الأدبي سينمائيًّا ،وإذا كان الليل وثقل ،ثم تركت أكثرها
الجملة الواحدة لتأكيد
سمة من سمات المكان، طه حسين في اهتمامه في ذلك الفضاء العريض
بهذه الأماكن يع ِّول على فسال مع الدم الذي سال،
أو سمة من سمات الانتقالات التي تتم على ودفن مع الجثة التي دفنت
الشخصية ،يأخذ بعين ساحتها ،ويلجأ إلى الوصف
القارئ إلى تلك التفاصيل الدقيق للأشياء التي تشغل و ُس ِّوي عليه التراب ثم
صب عليه معها الماء ،ثم
من خلال المترادفات هذه الأماكن كمدخل تركت سائرها نهبًا لتلك
وإيحاءاتها الصوتية للكشف عن تأثيرها على العلة التي ذهبت بما بقي
حياة الأشخاص ،فإن الفيلم من نفسي»( .)6ولا يكتفي
السينمائي لا يحفل كثي ًرا طه حسين بفعل المكان
بتلك الأماكن؛ إذ المكان ليس وتأثيره على الشخصية،
بل يجد خلاصه في الاتجاه
شر ًقا ،وكأنه المقابل لهذا
الغرب الذي تتفتت فيه الذات
ويتم القضاء عليها بأفكار
وتصورات لا ترى من نور
الحقيقة ولو قد ًرا ضيئ ًل،
لذا يجعل الإفلات من هذا
الغرب سبي ًل لا مفر منه،
فتأتي حركة «آمنة» التي
أفلتت في غفلة من أمها إلى
حيث الشرق الذي ملأ حياتها
نو ًرا ،وفتح لها نافذة كي
تتعلم وترتقي في نظرتها
للحياة ،وهي في هذا الهروب
«لم تكن تفكر إلا في سجن قد
أفلتت منه وهي تريد أن تبعد