Page 216 - m
P. 216

‫العـدد ‪59‬‬                          ‫‪214‬‬

                              ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬                    ‫أو تقييدها بأغلال المجتمع‪،‬‬
                                                            ‫وينتصران لفكر طه حسين‬
‫طه حسين مع ابنه‬
                                                               ‫في القول بضرورة تطور‬
    ‫ليعيش مع أبيه وأمه‪ ،‬لا‬     ‫الخاص ببيت الريفي الثري‬      ‫المجتمع‪ ،‬ريفه وحضره‪ ،‬كي‬
 ‫يختبر الإرادة الحقيقية لكل‬   ‫والحديث عن التعليم المحافظ‬     ‫يحيا الإنسان آمنًا مستق ًّرا‪.‬‬
‫من «آمنة» و»مهندس الري»؛‬                                    ‫ومن بين أكثر المشاهد التي‬
                                ‫الذي لا يري سوى العلوم‬
    ‫إذ سلوك الإنسان وسط‬           ‫الشرعية حقيقة بالتعلم‪،‬‬        ‫نجح الفيلم في توظيفها‬
‫الجماعة يختلف عنه في حال‬                                    ‫بشكل جيد للتعبير عن عمق‬
 ‫انفراده‪ ،‬والفيلم في اختياره‬   ‫وتثور ثائرته ضد ما عداها‪،‬‬
‫لبيت المهندس ليكون مسر ًحا‬     ‫فإن هذا الاختزال قد ساهم‬       ‫المأساة في هذه القصة هو‬
                                ‫في تكثيف الصورة المتعلقة‬   ‫المشهد الذي جمع «آمنة» مع‬
    ‫للأحداث التي تدور بينه‬    ‫بالشخصية الرئيسية «آمنة»‪،‬‬    ‫«مهندس الري» في حديث عن‬
  ‫وبين آمنة يكشف عن قوة‬       ‫كما أن هذا الجزء الذي انتقل‬   ‫الإنسانة التي أحبها‪ ،‬وكيف‬
‫الإرادة للشخصية وتمسكها‬       ‫فيه مهندس الري إلى القاهرة‬
                                                                ‫أنه يحب تلك الابتسامة‬
                                                           ‫المرتسمة على وجه آمنة ويود‬

                                                               ‫لها البقاء بشكل مستمر‪،‬‬
                                                           ‫فيأتي صوت الكروان ليقطع‬

                                                                ‫عليه تلك الأمنية‪ ،‬مذك ًرا‬
                                                            ‫آمنة بما حدث لأختها جراء‬
                                                           ‫فعلته‪ .‬إن الحوار الذي صاغه‬
                                                           ‫يوسف جوهر في هذا المشهد‬

                                                               ‫على بساطة كلماته إلا أنه‬
                                                            ‫جسد رمزية العمل الإبداعي‬

                                                                ‫بكامله في نظرة الصياد‬
                                                            ‫الذي لا يهتم لشيء من أمر‬

                                                               ‫فريسته سوى أن تقع في‬
                                                           ‫حبائله‪ ،‬ثم يتركها وينصرف‬
                                                            ‫إلى غيرها‪ ،‬وفي نظرة «آمنة»‬

                                                                 ‫التي ترى في حرية هذا‬
                                                             ‫الطائر قد ًرا من المتعة التي‬

                                                                 ‫تتحقق بسماع صوته‪.‬‬
                                                           ‫والفارق هنا في النظرة المادية‬
                                                           ‫للأشياء التي تفقدها روحها‪،‬‬
                                                            ‫والأخرى التي تنفذ إلى عمق‬

                                                               ‫المعني فيها فتتيح أمامها‬
                                                           ‫مساحات آمنة دون أن تجور‬

                                                                          ‫على حريتها‪.‬‬
                                                            ‫إن اختيارات الفيلم في تقديم‬
                                                           ‫أحداث الرواية وشخصياتها‪،‬‬

                                                               ‫وإن اختزلت منها الجزء‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221