Page 217 - m
P. 217

‫الملف الثقـافي ‪2 1 5‬‬

  ‫لنفسها بخصائص ميزتها‬                ‫ارتد لصدرها‪ ،‬كما أن تلك‬                       ‫بموقفها‪.‬‬
 ‫عن النص الأدبي‪ ،‬وأخفقت‬              ‫النهاية التي كتبها «الخال»‬     ‫أما عن تلك المساحات التي‬
                                     ‫لمهندس الري بقتله هي من‬       ‫أضافها لشخصية الأم التي‬
      ‫في مواطن أخرى‪ ،‬غير‬              ‫الاختيارات الأصيلة للفيلم‬   ‫فقدت ابنتيها‪ ،‬وفقدت معهما‬
   ‫أنها تظل في النهاية قراءة‬          ‫التي تتماشي مع اتجاهات‬         ‫عقلها‪ ،‬بعد أن سلبت منها‬
  ‫إبداعية لواحدة من روائع‬             ‫السينما في انتصار الخير‬       ‫الإرادة‪ ،‬فإن مشاهد تحيل‬
‫الأدب العربي التي كتبها طه‬          ‫على الشر‪ ،‬وأن ينال المعتدي‬      ‫إلى تلك الصورة التي بدت‬
 ‫حسين‪ ،‬وتقدم صورة حية‬                 ‫جزاءه‪ ،‬أما النهاية الأدبية‬
‫لكيفية التعامل مع نص أدبي‬          ‫التي اختارها طه حسين بأن‬           ‫عليها في ضعفها وفقدان‬
   ‫يحتشد ببلاغته‪ ،‬ويحافظ‬            ‫يكون الحب الذي كان سببًا‬          ‫صوابها‪ ،‬كان لا بد منها‬
   ‫على رصانة اللغة بداخله‪،‬‬             ‫في الإغواء‪ ،‬ومن بعد ذلك‬    ‫لتعميق البعد المتعلق بمشاعر‬
  ‫وينوع في مترادفات المعني‬         ‫الموت‪ ،‬هو نفسه الذي يتعذب‬
  ‫الواحد ليؤكد ُبع ًدا مه ًّما في‬  ‫به مهندس الري‪ ،‬ويقف موت‬              ‫الأمومة‪ ،‬لا سيما وقد‬
  ‫الشخصية أو ما يحيط بها‬            ‫هنادي بينه وبين من يحب‪،‬‬       ‫توقف بها النص الأدبي عند‬
‫من أشياء وأماكن‪ ،‬بل وتفتح‬            ‫هي نهاية أقوي في التأثير‪،‬‬
                                      ‫كما أنها تفتح المجال لأفق‬     ‫مشهد هروب آمنة باتجاه‬
     ‫با ًبا لدراسة موضوعية‬                                         ‫الشرق‪ ،‬ولم يعد لذكرها أو‬
  ‫حول كيفية تناول الأعمال‬              ‫توقعات لدى المتلقي عما‬
  ‫الدرامية لأدب طه حسين‪،‬‬             ‫سيحدث بعد‪ ،‬بعكس نهاية‬           ‫ذكر الخال الذي قتل ابنة‬
  ‫لاسيما وقد قدمت الدراما‬           ‫الفيلم التي وضعت ح ًّدا لكل‬    ‫اخته‪ ،‬فالاستمرار في تقديم‬
  ‫التليفزيونية بعض أعماله‪،‬‬                                        ‫مشاهد تتعلق بهما في الفيلم‬
‫واتجهت الدراما الإذاعية إلى‬                        ‫التصورات‪.‬‬
  ‫تجسيد البعض الآخر‪ ،‬كما‬           ‫إجما ًل‪ ،‬يمكن القول إن الفيلم‬     ‫دون الرواية هو استثمار‬
  ‫حظي النص الأدبي بأكثر‬                                                ‫لتلك الملامح التي أ َّصل‬
                                       ‫في قوة تعبيره عن النص‬
    ‫من معالجة درامية لهذه‬               ‫الأدبي‪ ،‬حاول الاقتراب‬        ‫لها النص الأدبي‪ ،‬وتقديم‬
  ‫الوسائط‪ ،‬والفروق بينهما‬          ‫بوسائل مختلفة اعتمدت على‬        ‫أفعال تتوافق وتلك الملامح‪.‬‬
   ‫واضحة‪ ،‬النصوص التي‬              ‫الصوت والصمت والموسيقي‬
  ‫أخذت عنها مختلفة‪ ،‬وبين‬              ‫والمؤثرات الصوتية‪ ،‬ومن‬          ‫وقد جاءت المساحة التي‬
  ‫هذا وذاك‪ ،‬لا بد من قراءة‬           ‫قبلها الصورة التي عكست‬         ‫خصصها الفيلم لشخصية‬
                                   ‫هذه المعاناة الإنسانية‪ ،‬وبحث‬
     ‫نقدية تعي تلك الفروق‬           ‫الإنسان الدائم عن محاولات‬          ‫«زنوبة»‪ ،‬المرأة اللعوب‬
    ‫وتوضح طرق ووسائل‬                 ‫للخلاص مما يقيد حركته‪،‬‬          ‫لتو ِّسع من نطاق دورها؛‬
                                      ‫وهي وإن اقتربت من عالم‬         ‫فجعل آمنة تستخدمها في‬
               ‫التعبير عنه	ا‬       ‫النص الأدبي‪ ،‬فإنها احتفظت‬           ‫الوصول لمهندس الري‪،‬‬
                                                                    ‫ومن بعد ذلك الاعتماد على‬
                                                                       ‫دهائها في الإيقاع به في‬
                                                                     ‫حب «آمنة»‪ ،‬لتكتشف أن‬
                                                                      ‫السلاح الذي استخدمته‬
                                                                  ‫ضده هو نفسه السلاح الذي‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222