Page 219 - m
P. 219

‫الملف الثقـافي ‪2 1 7‬‬‫محطات على درب العميد‬   ‫والجهل والمنطق على الجهل‬        ‫بلغ الأجل المحتوم صبي‬
                                          ‫والتدليس والسطحية‪ ،‬حينها‬
  ‫محمود‬                                                                      ‫عزبة الكيلو بمركز مغاغة‬
    ‫قدري‬                                     ‫فقط سينتصر فكر عميد‬          ‫محافظة المنيا‪ ،‬في ‪ ٢٨‬أكتوبر‬
                                             ‫الأدب العربي على الظلام‬
                                           ‫والظلاميين بشتى ألوانهم‪،‬‬            ‫‪ ،١٩٧٣‬بعد أن بعدت به‬
                                           ‫وسنقتبس من تلك العينين‬           ‫السنون عن قريته الوادعة‬
                                           ‫اللتين اختبأتا خلف نظارة‬      ‫على ضفاف النيل وحضن أمه‬
                                           ‫سوداء ذلك الضوء الشبيه‬          ‫الحنون‪ ،‬وبيته الآمن المحاط‬
                                            ‫ح ًّقا بضوء النجوم العالية‬        ‫بسياج من قصب يتعدي‬
                                            ‫البعيدة في الليالي الحالكة‪،‬‬  ‫قامته الصغيرة‪ ،‬يتحسسه ولا‬
                                           ‫ضوء نحن في أشد الحاجة‬          ‫يراه لأنه ضرير عرف الدنيا‬
                                           ‫إليه كي نتوقف عن التخبط‬       ‫بالسماع وع َّرفها لنا بالبصيرة‬
                                           ‫والتعثر في الطرقات المعتمة‬        ‫والإحساس والفكر‪ ،‬رحل‬
                                          ‫القذرة التي يتوه فيها العقل‬       ‫عن الدنيا التي اصطدم بها‬
                                                                          ‫واصطدمت به وهو في الثالثة‬
                                               ‫العربي‪ ،‬ضوء تحتاجه‬         ‫والثمانين بعد أن ترك بصمة‬
                                                                           ‫مضيئة لا تمحي من وجدان‬
                                                        ‫للفنان التشكيلي‬     ‫الناطقين بالعربية‪ ،‬ومخلدة‬
                                                           ‫عبد الهادي‬     ‫في قلب كل من قرأوا مؤلفاته‬
                                                            ‫الوشاحي‬       ‫التي شكلت عمو ًدا رئيسيًّا في‬
                                                                          ‫بناء ثقافتنا المعاصرة‪ ..‬حينها‬
                                                                              ‫نعاه نزار قباني بقصيدة‬
                                                                           ‫صادقة عبر بها عن شعوره‬
                                                                          ‫نحو الفقيد الجليل‪ ،‬وكم كلف‬
                                                                             ‫الصبي بالقصائد والشعر‬
                                                                             ‫والأنغام منذ مطلع حياته‬
                                                                             ‫حتى خاتمتها‪ ،‬يقول نزار‬
                                                                           ‫في بدء القصيدة يرثيه بقلب‬

                                                                                 ‫يتفطر حز ًنا وإجلا ًل‪:‬‬
                                                                           ‫ضوء عينيك أم هما نجمتان‬

                                                                              ‫كلهم يرى‪ ..‬وأنت تراني‬
                                                                           ‫ضوء عينيك أم حوار المرايا‬

                                                                              ‫أم هما طائران يحترقان‬
                                                                            ‫ارم نظارتيك ما أنت أعمى‬

                                                                               ‫إنما نحن جوقة العميان‬
                                                                           ‫مات طه حسين بعد أن غير‬
                                                                          ‫المفاهيم‪ ،‬وأثار عواصف جدل‬
                                                                           ‫وخلاف لا تزال مشتعلة إلى‬

                                                                             ‫الآن‪ ،‬والمحقق أنها ستظل‬
                                                                            ‫مشتعلة حتى ينتصر العلم‬
   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223   224