Page 223 - m
P. 223

‫الملف الثقـافي ‪2 2 1‬‬

   ‫في الغرب تحترم نفسها لا‬      ‫نقش فسيفسائي للإسكندر وهو ُيقاتل شاه فارس دارا الثالث‬
 ‫يدرس فيها الطلبة الملحمتين‬
                                    ‫دور هوميروس المحوري‬              ‫ومع التفكير يصل إلى‬
    ‫بلغتها الأصلية أو بإحدي‬      ‫عند اليونان‪ .‬تصور الشعراء‬     ‫استنتاج أن الشعر هو أساس‬
     ‫اللغات العديدة المترجمة‬      ‫العاميين الذين يقصون على‬     ‫الحضارة‪ ،‬وأن “الشعراء هم‬
                                  ‫الناس في قرى مصر أخبار‬
 ‫إليها‪ ،‬ويختم حديثه بعبارات‬       ‫الهلالية والزناتية يلحنونها‬     ‫قادة الفكر»‪ ،‬ويقارب بين‬
‫ترسم الإبتسامة وتحفز الهمة‬       ‫على الربابة‪ ،‬ولكن لا تتصور‬      ‫الأمتين العربية واليونانية‪،‬‬
‫«ولكنك ستسألني ما الإلياذة‬
                                      ‫الناس الذين يستمعون‬          ‫فهوميروس هو من مهد‬
 ‫وما الأودسا؟ ولست أجيبك‬          ‫لهؤلاء الشعراء متحضرين‬           ‫لظهور سقراط وأرسطو‬
 ‫على هذا السؤال وإنما أريدك‬       ‫تحضر المصريين يلتمسون‬          ‫وأسخيلوس وسوفوكليس‬
                                 ‫آدابهم وأخلاقهم وفلسفتهم‬      ‫وفيدياس وبيركليس‪ ،‬وامرؤ‬
   ‫أن تجيب نفسك عليه‪ ،‬أريد‬          ‫في الدين والعلم والفلسفة‬      ‫القيس والنابغة والأعشي‬
   ‫أن تقرأ الإلياذة والأودسا‬      ‫والسياسة‪ ،‬وإنما تصورهم‬        ‫وزهير ‪-‬وغيرهم من هؤلاء‬
‫لتعرف ما هما‪ ،‬وكل ما أطمح‬           ‫قو ًما ليس لهم دين منظم‬         ‫الشعراء الذين نبخسهم‬
  ‫إليه في هذه الفصول هو أن‬         ‫ولا أدب مدون ولا فلسفة‬           ‫أقدارهم ولا نعرف لهم‬
‫أشوقك إلى أن تقرأ شيئًا قلي ًل‬    ‫ولا سياسة‪ ،‬وإنما الشعراء‬        ‫حقهم‪ -‬هم مهدوا الطريق‬
   ‫أو كثي ًرا من آثار المفكرين‬      ‫يحملون إليهم من هذا كل‬         ‫لظهور العلماء والعباقرة‬
 ‫الذين أتخذهم موضو ًعا لهذه‬     ‫شيء‪ ،‬تصور هذا تتمثل تأثير‬        ‫في الحضارة الإسلامية‪ ،‬ثم‬
                                                                  ‫يعرض لما يعرف بالمشكلة‬
                ‫الأحاديث»‪.‬‬          ‫«الإلياذة» و»الأودسا» في‬    ‫الهوميرية‪ ،‬الخاصة بحقيقة‬
 ‫يستكمل العميد تتبع صعود‬           ‫الحياة اليونانية المعاصرة‪،‬‬   ‫وجود هوميروس من عدمه‬
                                  ‫ثم يذكر أهمية الملحمتين في‬     ‫ويوضحها بعبارات دقيقة‪،‬‬
     ‫الأمة اليونانية في مراتب‬   ‫الثقافة القديمة والمعاصرة على‬    ‫ويضرب لنا مث ًل من البيئة‬
   ‫التفكير وتقدمها العقلي مع‬    ‫السواء‪ ،‬وأنه لا توجد مدرسة‬         ‫المصرية ليقرب للأذهان‬
   ‫القائد الثاني‪ ،‬وينسب ذلك‬
    ‫إلى “التطور»‪ ،‬وكما يأخذ‬

     ‫التطور الدارويني قرو ًنا‬
     ‫طوا ًل‪ ،‬لا يختلف التطور‬
    ‫العقلي للحضارات عنه في‬
 ‫شيء‪ ،‬فبعد سلطان الشعراء‬
   ‫على الروح والوجدان ظهر‬
 ‫سلطان الفلاسفة على الفكر‪،‬‬
      ‫بعدما تيقظ العقل‪ ،‬وبدأ‬
   ‫الإنسان يسيطر علي قوى‬
    ‫الطبيعة ويستغلها‪ ،‬وكان‬
   ‫قبل ذلك يتعبدها خو ًفا من‬
    ‫قوتها الرهيبة وغموضها‬
   ‫بالنسبة له‪ ،‬ويصور الفرق‬
‫بين مفهومي الشعر والفلسفة‬
‫“فالفرق بين الشعر والفلسفة‬
    ‫عظيم‪ .‬ذلك أن الفلسفة لا‬
‫تعتمد على الخيال ولا تعتز به‬
‫وإنما هي مظهر الحياة العقلية‬
   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228