Page 226 - m
P. 226

‫العـدد ‪59‬‬                             ‫‪224‬‬

                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬                          ‫المعمول بها حتى الآن في‬
                                                                  ‫المسرح والسينما والتلفزيون‪،‬‬
‫يلتقي فيها مع قرائه‪ ،‬ليمتعهم‬         ‫لسيرة وأهداف الإسكندر‪،‬‬
  ‫بمقالاته وبأحاديثه الصافية‬            ‫وفي عصر لاحق تسقط‬              ‫وستظل آراؤه السياسية‬
  ‫الرائقة‪ ،‬لم يتوقف عن جذب‬             ‫الفلسفة والسياسة م ًعا‪،‬‬       ‫في طبيعة الحكومة المناسبة‬
   ‫انتباههم للحضارة الغربية‬                                         ‫للشعب بأنها هي التي تلائم‬
  ‫الحديثة وأبرز شخصياتها‪،‬‬             ‫ويبدأ سلطان الدين يغزو‬
    ‫وكتاب “ألوان» ممتلئ به‬         ‫النفوس‪ ،‬فإذا كان الغرب غزا‬         ‫روح الشعب بغض النظر‬
   ‫عدد من تلك المقالات‪ ،‬فنجد‬        ‫الشرق بفلسفته مرة وقهره‬          ‫عن المسميات‪ ،‬والخلقية في‬
                                                                     ‫التوسط والبعد عن الإفراط‬
‫حديثًا عن بول فاليري الشاعر‬          ‫بسلاحه مرات ومرات منذ‬          ‫والتفريط باقية مع كل جيل‪،‬‬
   ‫والكاتب الفرنسي صاحب‬               ‫حروب طروادة‪ ،‬فالشرق‬         ‫إنه ح ًّقا المعلم الأول كما سماه‬
      ‫“المقبرة البحرية» وآخر‬       ‫وعن طريق المسيحية يتغلغل‬          ‫العرب لمساهمته الفعالة في‬
     ‫بعنوان “صورة المرأة في‬        ‫في الغرب “وإذا المسيحية هي‬     ‫تكوين العقل العربي‪ ،‬كما كون‬
                                  ‫الديانة الرسمية للإمبراطورية‬       ‫بعد ذلك العقل الأوروبي»‪،‬‬
‫قصص فولتير»‪ ،‬ويتحدث «في‬             ‫كلها‪ .‬وإذا المسيحية تضطهد‬
   ‫الحب» عن اسمين من ألمع‬           ‫الوثنية بعد أن كانت الوثنية‬         ‫فهذا الاسم من الأسماء‬
                                     ‫تضطهدها‪ .‬وإذا الشرق قد‬         ‫الخالدة التي تكون أشد من‬
 ‫الأسماء في الثقافتين العربية‬        ‫سيطر على الغرب بأنظمته‬
     ‫والفرنسية هما ابن حزم‬           ‫السياسية وميوله الدينية»‪،‬‬         ‫الدهر قدرة علي البقاء إن‬
                                   ‫ثم جاء الإسلام فاقتنص من‬         ‫صح هذا التعبير‪ ،‬ومن أراد‬
‫وستندال‪ ،‬وكتابتهما عن الحب‬        ‫الإمبراطورية المسيحية الشرق‬      ‫أن يبحث عن قادة الفكر فلن‬
    ‫والغرام‪ ،‬وعن “الساحرة‬           ‫وترك لها الغرب‪ ،‬والديانتان‬       ‫يستطيع أن يوفق إلى جادة‬
    ‫المسحورة» مدموازيل دي‬                                           ‫البحث وإحسانه إلا إذا عني‬
                                         ‫لم تستغنيا عن فلسفة‬
  ‫لسبيناس وحياتها الدرامية‪،‬‬            ‫وتشريع اليونان وروما‪،‬‬           ‫بأرسطاطاليس وفلسفته‬
   ‫و»الأمل اليائس» لمدام دي‬        ‫حتى عادا من جديد في القرن‬        ‫وأنزلهما منزلتهما الحقيقية‬
  ‫ديفانت‪ ،‬و»قصة الفيلسوف‬              ‫الخامس والسادس عشر‬
    ‫العاشق» أوجست كونت‪.‬‬           ‫يخلبان ألباب الأدباء والفنانين‬           ‫وهي المنزلة الأولي»‪.‬‬
       ‫المحطة الثانية “شاعر‬            ‫والعلماء في أوروبا‪ ،‬وفي‬     ‫تنتقل قيادة الفكر من الشعر‬
         ‫الفلاسفة وفيلسوف‬         ‫العصر الحديث اجتمع الشعر‬
    ‫الشعراء»‪ ،‬وفيها نرى طه‬          ‫والفلسفة والسياسة والدين‬            ‫مع هوميروس للفلسفة‬
    ‫حسين وأبا العلاء المعري‬         ‫مع العلم وتشعبت القيادات‬          ‫مع سقراط‪ ،‬والآن تقع في‬
      ‫يجلسان يتحدثان‪ ،‬وكل‬             ‫الفكرية لأنواع متعددة لم‬         ‫يد السياسة والحرب مع‬
      ‫منهما لا يرى صاحبه‪،‬‬                                             ‫الإسكندر الأكبر‪ ،‬رأى طه‬
  ‫فهما مشتركان في ابتلائهما‬               ‫يعرفها العالم القديم‪.‬‬   ‫حسين فيه قائ ًدا فكر ًّيا خضع‬
   ‫بالعمى منذ الصغر‪ ،‬لكنهما‬           ‫على تلك الصورة يرى طه‬       ‫العالم لسطوته “وأتاح للآداب‬
       ‫أشد الناس ا َّطلا ًعا على‬  ‫حسين تاريخ العقل الإنساني‬         ‫اليونانية والفلسفة اليونانية‬
                                    ‫وتطوره منذ النشأة الأولى‪،‬‬       ‫أن يتغلغلا في أعماق الشرق‬
 ‫دخيلة الآخر ونفسه وتقلبات‬                                          ‫ويؤثرا في نفوس الشرقيين‬
    ‫حياته‪ ،‬لقد فتح كل منهما‬             ‫ووجد ضالته في البحث‬
    ‫قلبه للآخر‪ ،‬ولولا ذلك ما‬       ‫بحكم ثقافته التي شب عليها‬            ‫ويصبغاها هذه الصبغة‬
    ‫استطاع العميد أن يفصل‬           ‫في فرنسا‪ ،‬هناك فوق أرض‬              ‫اليونانية التي كانت قد‬
     ‫حياته وأفكاره وفلسفته‬                                          ‫أعدت من قبل لتكون صبغة‬
     ‫في تلك الكتب التي يشير‬               ‫الجانب الآخر البعيد‪.‬‬      ‫عامة خالدة للعقل الإنساني‬
   ‫إليها بين يده وهو يتحدث‬                ‫على مدار حياته وعبر‬           ‫كله»‪ ،‬وعلى نفس المنوال‬
                                   ‫الصحف والمجلات التي كان‬          ‫يرى يوليوس قيصر كمتمم‬
  ‫مع حكيم المعرة‪ ،‬وعناوينها‬
   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231