Page 224 - m
P. 224

‫العـدد ‪59‬‬                           ‫‪222‬‬

                               ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬                     ‫القوية‪ ،‬هي وسيلة الإنسان‬
                                                                ‫إلى أن يتصور الحقائق كما‬
                               ‫أفلاطون‬                           ‫هي ويحكم عليها الأحكام‬

  ‫هنري بريستد يسمي كتابه‬                   ‫المعرفة والتعلم‪،‬‬       ‫التي تلائم طبعها‪ ،‬أو قل‬
      ‫الأشهر في مجاله “فجر‬              ‫سبقه طاليس الذي‬         ‫هي الوسيلة إلى أن يتصور‬
                                        ‫يع ِّرفه البعض بأبو‬  ‫الإنسان الحقائق ويحكم عليها‬
    ‫الضمير»‪ ،‬وما الضمير إلا‬     ‫الفلسفة‪ ،‬وفيثاغورس قضي‬           ‫بعقله لا بحسه وشعوره‪.‬‬
  ‫نتاج حضارة وعلم وفن بلغ‬      ‫في بلادنا عشرين عا ًما يتعلم‬
 ‫الذروة‪ ،‬فمنح الكائن البشري‬       ‫فيها ويدرس بين كهنتها‪،‬‬          ‫تعتمد الفلسفة على النقد‬
‫معني الضمير وخلع عنه رداء‬      ‫ويقال إنه خرج منها بنظريته‬    ‫ويعتمد الشعر علي التصديق»‪،‬‬
  ‫الوحشية والهمجية الملتصق‬          ‫الشهيرة‪ ،‬ونجد الكاتب‬      ‫وذلك الانتقال يشرحه العميد‬
  ‫به منذ وجوده على الأرض‪،‬‬         ‫الأمريكي جورج‪ .‬جي‪ .‬إم‬
  ‫ولا يوجد مكان أشرق فجر‬       ‫جيمس يعترض على مصطلح‬              ‫آخ ًذا بالأسباب السياسية‬
 ‫الضمير فيه قبل مصر‪ ،‬التي‬      ‫“الفلسفة اليونانية» لأنه يرى‬     ‫والاقتصادية والاجتماعية‪،‬‬
                                 ‫أن أصحابها الحقيقيين هم‬
    ‫عاش فيها الحكيم والمعلم‬      ‫الكهنة المنبثين بين جدران‬         ‫مثلما سيشرح الأحداث‬
‫الأول إيمحوتب العبقري الأول‬     ‫المعابد المصرية‪ ،‬ويذكر ذلك‬       ‫المصيرية المعروفة بالفتنة‬
‫بين بني البشر‪ ،‬والرجل الذي‬       ‫في كتابه الذي يغني عنوانه‬    ‫الكبرى زمن عثمان بن عفان‬
                                 ‫عن تفصيل فحواه “التراث‬        ‫وعلي بن أبي طالب بعد ذلك‬
   ‫من طينته خلق بقية الأفذاذ‬    ‫المسروق‪ ..‬الفلسفة اليونانية‬
‫في الأمم المختلفة‪ ،‬وأغلب الظن‬    ‫فلسفة مصرية مسروقة»‪،‬‬                          ‫بسنوات‪.‬‬
 ‫لو كان علم المصريات بلغ ما‬        ‫وعالم المصريات جيمس‬         ‫نصل إلى نقطة نختلف فيها‬
                                                               ‫بشدة معه ونعتقد أن العميد‬
                                                               ‫جانبه فيها الصواب إلى حد‬
                                                              ‫بعيد‪ ،‬وهي تصويره العبقرية‬
                                                             ‫اليونانية خالصة من التأثيرات‬
                                                             ‫الشرقية‪ ،‬بل إنه ينكرها بلهجة‬

                                                                 ‫قاطعة‪ ،‬قبل أن يقول ذلك‬
                                                             ‫يعرف أن هناك من لا يرضى‬

                                                               ‫عن ذلك الرأي‪ ،‬لكنه يمضي‬
                                                                 ‫بعزم وتأكيد لأن ذلك هو‬

                                                              ‫الحق الواجب اتباعه‪ .‬الدلائل‬
                                                              ‫على تلمذة اليونان لحضارات‬

                                                                    ‫الشرق ومصر القديمة‬
                                                               ‫تحدي ًدا ليست خافية‪ ،‬بل إن‬
                                                                ‫اليونانيين أنفسهم أول من‬
                                                              ‫صرحوا بذلك‪ ،‬وتكفي عبارة‬
                                                                ‫أفلاطون “ما من علم لدينا‬
                                                                ‫إلا وقد أخذناه من مصر»‪،‬‬
                                                             ‫وقد زار أفلاطون نفسه مصر‬
                                                               ‫وتلقي علومه فيها‪ ،‬ولم يكن‬
                                                                 ‫الفيلسوف اليوناني الزائر‬
                                                               ‫الوحيد لمصر القديمة مبتغيًا‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229