Page 60 - merit 45
P. 60

‫العـدد ‪45‬‬   ‫‪58‬‬

                                                       ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

    ‫المهنة أو الحرفة التي تتيح له الارتزاق منها عن‬         ‫تحمل معان متعددة‪ ،‬كما لا يوجد مفهوم جامع‬
   ‫طريق إعداد سابق محدد الإجراءات والخطوات‪،‬‬             ‫مانع يحصر كل الحدود والمجالات التي تشمل هذا‬
    ‫فعندئد لا يعبر المثقف عن مطالبه الشخصية أو‬         ‫المفهوم‪ ،‬لعامل مهم وهو أن الثقافة مفهوم زئبقي لا‬
‫المهنية‪ ،‬بل يتجاوزها إلى التعبير عن القضايا العامة‪،‬‬     ‫تحده حدود وبحر زاخر لا نهاية له‪ ،‬فهي معارف‬
    ‫لأن المفترض فيه أنه يعبر عن الجميع‪ ،‬في نفس‬           ‫وطقوس وسلوكات وعادات وممارسات وشعائر‬
 ‫الوقت الذي يخاطب فيه الجميع دون تخصص‪ ،‬ما‬
  ‫دامت ساحته التي يعمل في نطاقها‪ ،‬وأدواته التي‬             ‫من جهة‪ ،‬وسلوكات وممارسات بشرية تتجدد‬
                                                        ‫بتجدد الأزمنة والأمكنة والإنسانية قاطبة من جهة‬
         ‫يستعملها هي وسائل للنشر والإعلام»(‪.)2‬‬
 ‫وترتدي الثقافة رداء العلوم الاجتماعية فتعبر عما‬                                                ‫أخرى‪.‬‬
                                                          ‫يذهب الناقد صلاح قنصوة إلى تصور أقرب ما‬
     ‫تعلَّمه الفرد وورثه اجتماعيًّا من الجماعة التي‬      ‫يكون إلى هذا بتوضيحه أن‪« :‬الثقافة ليست صفة‬
    ‫عاش بين ظهرانيها‪ ،‬ويعبر عن هذا الصنف من‬
    ‫الثقافة الناقد صلاح قنصوة بقوله‪« :‬أما الثقافة‬           ‫واحدة كما لو كانت ك ًّل متجان ًسا يشارك فيه‬
‫بمعناها الذي ينتسب إلى مفاهيم العلوم الاجتماعية‪،‬‬       ‫المواطنون أو أعضاء المجتمع كله‪ ،‬ويتقاسمه الأفراد‬
    ‫في مقابل ما ينقل عبر الوراثة البيولوجية‪ ،‬فهي‬
                                                          ‫بحسب أنصبتهم الشرعية‪ ،‬كما أنها لا تثبت على‬
      ‫مجموع الأنشطة أو الفاعليات الإنسانية التي‬          ‫صورة أو صيغة واحدة‪ ،‬بل تتغبر وتتبدل بحيث‬
 ‫تتجلى في السلوك العلمي والعقلي م ًعا‪ ،‬وهو سلوك‬           ‫تتعاقب على المجتمع أو الأمة ثقافات مختلفة»(‪.)1‬‬
  ‫قابل للتعلم والتداول من ثنايا النظم والمؤسسات‬
                                                           ‫والثقافة‪ ،‬من زاوية أخرى‪ ،‬في مفهومها الشامل‬
     ‫الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية‬            ‫تعمل على تحطيم أصنام اعتبارها تلك الاستنارة‬
                     ‫والعقائدية والفنية‪ ..‬إلخ»(‪.)3‬‬     ‫العقلية وسعة الاطلاع على النحو الذي ترعاه وزارة‬

      ‫وهنا نلاحظ رب ًطا تا ًّما بين الثقافة والمجتمع‪،‬‬        ‫الثقافة ومؤسساتها‪ ،‬فهذا صنف من أصناف‬
   ‫فالتأثير والتأثر بين الفرد والمجتمع ينقل الثقافة‬       ‫الثقافة الواسع في مجالاته‪ ،‬وينفي الناقد صلاح‬
   ‫عن طريق التعلم والتداول الذي يتم بين أحضان‬              ‫قنصوة هذا التوجه الذي يربط الثقافة بالجانب‬
                                                        ‫العقلي العلمي المنطقي المحض دون مراعاة جوانب‬
       ‫النظم والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية‬
 ‫والسياسية والعلمية والعقائدية والفنية‪ ..‬وغيرها‪.‬‬                         ‫أخرى أكثر أهمية وأميز تعبي ًرا‪.‬‬
 ‫إضافة إلى ذلك تضم الثقافة ‪-‬على حد تعبير الناقد‬              ‫يوضح هذا الناقد أنه‪« :‬لا تقتصر الثقافة على‬
  ‫صلاح قنصوة‪« :-‬العادات والمعتقدات والمهارات‪،‬‬              ‫دلالتها التي تحظى بالشهرة والذيوع بوصفها‬

                                                               ‫الاستنارة العقلية‪ ،‬وسعة الاطلاع‪ ،‬وتذوق‬
                                                           ‫الفنون على النحو الذي ترعاه به وزارة الثقافة‬

                                                                                     ‫ومؤسساتها‪ ،‬فهي‬
                                                                                       ‫تتضمن على هذا‬
                                                                                        ‫الوجه الصورة‬
                                                                                         ‫المرهفة للوعي‬

                                                                                    ‫الاجتماعي المنعكسة‬
                                                                                    ‫على المرايا المصقولة‬

                                                                                        ‫لأدوات التعبير‬
                                                                                      ‫والإبداع‪ ،‬ومن ثم‬
                                                                                      ‫يطلق على منتجها‬
                                                                                       ‫ومستهلكها اسم‬
                                                                                       ‫المثقف‪ ،‬ويستقل‬
                                                                                       ‫بذلك عن مطالب‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65