Page 160 - merit 46 oct 2022
P. 160

‫العـدد ‪46‬‬                       ‫‪158‬‬

                                    ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬

     ‫في هذا الوقت‪ .‬كما‬              ‫صورة قديمة للكعبة‬
  ‫علمت أي ًضا أن بعض‬
   ‫العبادات هي امتداد‬                ‫وهذا ما جعلني أحاول أن أرجع‬                         ‫إلهية مطلقة‪.‬‬
                                    ‫لأصل الفعل الذي أدى إلى تنزيل‬          ‫فالنص للمخاطب الأول كان‬
      ‫لبعض العبادات‬                                                  ‫مفهو ًما لأنه عاصر تنزيله وعاصر‬
  ‫التي كانت قائمة في‬                   ‫النص‪ ،‬وأحاول أن أفهم شكل‬           ‫الأحداث التي تستدعي نزول‬
                                    ‫الحياة في هذه الفترة لكي أحاول‬       ‫هذه الآيات‪ ،‬فقد كان النص في‬
    ‫المجتمع العربي‪.‬‬                  ‫فهم النص بشكل صحيح‪ ،‬كأني‬             ‫هذا الوقت يتفاعل مع الواقع‬
     ‫وهنا سأحاول‬                                                         ‫الاجتماعي‪ ،‬أما بالنسبة لقارئ‬
     ‫أن أذكر بعض‬                         ‫واحدة ممن كانوا في عصر‬      ‫النص الحالي فالكثير من الأمور قد‬
 ‫الأمثلة للتشريعات‬                                        ‫التنزيل‪.‬‬    ‫تكون غامضة بالنسبة له‪ ،‬لأنه لم‬
     ‫والعبادات في‬                                                     ‫يعلم أسباب تنزل هذه الآيات ولم‬
‫الإسلام التي كانت‬                       ‫وما جعلني أتجه هذا الاتجاه‬      ‫يعاصر أحداثها‪ ،‬وهذا قد حدث‬
 ‫امتدا ًدا وتكرا ًرا لما‬            ‫محاضرة سمعتها للدكتور أحمد‬       ‫بسبب أن القرآن كان ينزل من َّج ًما‬
   ‫هو قائم بالفعل‬                    ‫عبد السلام بعنوان آيات قرآنية‬     ‫يعالج حالات موجودة‪ ،‬ولكن تم‬
‫في المجتمع العربي‬                   ‫وأعراف جاهلية‪ ،‬وهذه المحاضرة‬      ‫جمعه في كتاب فلم يحتفظ الكتاب‬
‫قبل بعثة الإسلام‪.‬‬                                                    ‫بترتيب النزول‪ ،‬وجمعه بين دفتي‬
                                         ‫كانت كالمفاجأة بالنسبة لي‪،‬‬   ‫كتاب مع عدم معرفة الواقع الذي‬
  ‫العبادات‬                            ‫فهناك الكثير من أحكام القرآن‬   ‫أدى إلى وجود هذه الآيات س ُيش ِعر‬
                                    ‫متعلقة بالعرف السائد في جزيرة‬        ‫القارئ بعدم الفهم وس ُيش ِعره‬
    ‫الحج‪ :‬عرف البشر الحج منذ‬        ‫العرب‪ ،‬وهذا يجعلنا أن نقول إن‬      ‫بأن بعض الأحكام قد تكون غير‬
      ‫القدم‪ ،‬فما من ديانة إلا ولها‬   ‫القرآن كان يتفاعل مع الظروف‬
‫أماكن تشد الرحال إليها‪ ،‬فبالنسبة‬      ‫القائمة آنذاك ولم يأت بأحكام‬                        ‫مناسبة له‪.‬‬
‫للعرب فمكة منذ القدم من محجات‬          ‫خارج نطاق المتعارف عليه في‬
     ‫العرب يقصدونها في مواسم‬        ‫بعض الأمور‪ ،‬بل كان يقر بعض‬
     ‫معينة‪ ،‬ولم تكن الكعبة المكان‬      ‫الأعراف الموجودة في المجتمع‬
     ‫الوحيد الذي يحج إليه العرب‬
  ‫ويعظمونه‪ ،‬فكان لكل قبيلة آلهة‬
    ‫يحجون إليها ويقومون عندها‬
    ‫بالشعائر والطقوس وينحرون‬
  ‫عندها ويطوفون بها ولها سدنة‬
‫يقومون بخدمتها ولها كهنة أي ًضا‪،‬‬
  ‫فكانت مناة لأهل المدينة‪ ،‬واللات‬
 ‫لأهل الطائف‪ ،‬والعزى لأهل مكة‪.‬‬
 ‫وإلى جانب الكعبة اتخذت مؤلهات‬
      ‫العرب أشكا ًل مختلفة‪ ،‬منها‬
    ‫ما ُينقل‪ ،‬فكانوا يأخذون معهم‬
   ‫أحجا ًرا من الكعبة يطوفون بها‬
  ‫عند سفرهم‪ ،‬ومنها ما بقي ثابتًا‬

                ‫كالحجر الأسود‪.‬‬
 ‫وهذه البنايات المقدسة التي بناها‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165