Page 59 - merit 46 oct 2022
P. 59
57 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
شوقي عبد الحميد يحيى
شعرية القص في “مألوف”
لابتهال الشايب
فض ًل عن العنوان الرئيس للمجموعة وما يخبئه من رؤية جامعة
لمجموع القصص ،كذلك جاءت العناوين الفرعية ،حيث استخدمت
الكاتبة عناوين قصصها من كلمة واحدة لتحملها بالشاعرية الموحية،
والتي تكتنز رؤية القصة في باطنها ،فتفتح أفق التصور أمام القارئ،
ليبحث عن المعنى ،ثم تجيء القصة لتستخرج تلك الشاعرية ،ولتعلن
القصة عن رؤية محددة ،قد تتلخص أي ًضا في كلمة ،مثل أن نستنبط
الرؤية «حياة» في قصة «خارج» .ونستخلص «القدرية» في قصة
«عفوية» .ونستخلص «الوفاء» أو في «لا شعوري” .ونستخلص في
“المتكلم” “الإرادة” .وفي «سوداء» نستخلص «القلق» .ومن «احمرار»
نصل إلى «سجن الجسد» .ومن مألوف نستخلص «الجمال» ،وهو ما
يترسخ في ذهن القارئ.
ومن أهم خصائص هذه الشعرية ،أن يعبر الرغم من ارتباط لفظ الشعرية في ذهن على
الراوي عما داخل النفس ،داخل ذاته ،حيث العامة ،بالشعر (الكلام المنظوم) ،إلا أن
يستخدم السارد أو الراوي ضمير المتكلم ،والذي
هو أقرب للبوح ،وهو ما نجده خاصة في الكتابة علاقة الشعرية بالنثر ،علاقة قديمة،
السيرية .حيث يكشف ذلك عن المخبوء داخل وتعود إلى إثبات أن القرآن ليس بشعر
النفس ،مغمو ًسا بالمشاعر والوجدان والرؤى.
فإذا كان الشعر يرتبط بالوجدان ،مثلما يرتبط ولا بنثر ،وإنما هو تشكيل خاص.
النثر بالفكر ،أو العقل .فمن هنا يمكن النظر إلى وقد تناول الشعرية كثير من النقاد والدارسين،
أن هذه الخاصية -استخدام ضمير المتكلم،-
هي أولى مظاهر الكشف عن شعرية النثر .ولشد خلصوا إلى أنها العلاقة التي تنشأ بين اللفظ
ما يكون الوجدان ،عندما يتأمل الإنسان حياته، واللفظ ،أي أن التركيب المُشكل للدلالة ،هو ما
يخلق الشاعرية ،التي لا تقتصر على الكلام
المنظوم فقط ،وإنما تتعداها إلى الكلام المنثور
أي ًضا.