Page 185 - merit 41- may 2022
P. 185
183 الملف الثقـافي
والتمزق. ديكارت) (مقال في المنهج)، منطقين حادين متطرفين
وقد أدت كل هذه التصورات ولاقيمة لابن خلدون للانفصال والاتصال
في مقدمته العبقرية إلا
الثقافية الاتصالية الميتافيزيقيين حال جدلهم
والانفصالية المشوهة بالقياس إلى أعمال (أوجست مع حاضرهم أو موروثهم
دوركايم) ،وهكذا دواليك، العربي ،أو حال جدلهم مع
والمغلوطة إلى ذيوع وكلها صور من صور حاضر وموروث الآخرين،
خطابات التناقض والتراجع
الاتصال الحداثي اللاتاريخي فهم بين إفراط وتفريط،
والاعتذار العربية بصورة الشكلاني العقيم. فإما أن ننفصل عن موروثنا
فادحة على طوال الخطاب وثقافتنا انفصا ًل حا ًّدا يصل
ولقد ولَّد هذا الاتصال حد القطيعة حتى نتمكن من
النهضوي العربي ،لقد والانفصال اللاتاريخيين بناء حاضرنا ومستقبلنا ،مما
عشت وعانيت جميع صور في الذات العربية والثقافة يترتب عليه أن نتصل اتصا ًل
العربية صو ًرا هائلة من
التراجع العربي على كافة الانقسام والتناقض والتراجع حا ًّدا يصل حد الذوبان
المستويات السياسية والدينية والتمزق والتشرذم ،بين بحاضر الغرب وماضيهم
والحضارية والثقافية ،وهي الإبداع والدين والموروث، حتى نتمكن من بناء حاضرنا
ولقد ترتب على هذا صور
آليات تراجعية نكوصية لا كثيرة من صور الخداع بحاضرهم ومستقبلنا
تعني أب ًدا تحو ًل عمي ًقا في والوهم ،ففكر معظم المفكرين بمستقبلهم ،وكلاهما وهم
المسار الفكري للكاتب أو والمبدعين إما انتقائيًّا ينتقي كبير .ففي الحالتين نحن
المفكر بقدر ما تعني انقلا ًبا ما يوافق المذهب الذي يهواه أمام حالة خلل إدراكي فادح
المفكر أو الشاعر فيتخذ في منطق الجدل .لأن كلا
مفر ًطا غير مبرر علميًّا من مذهبه فرصة لتفصيل
ولاؤمنهجيًّا ولاؤواقعيًّا. جسد الواقع على قد ملابسه الاتصالين والانفصالين
وانظر معي مث ًل يا صديقي ومقاساته المسبقة ،وإما أن السابقين شكليان ولا
حال جل مفكرينا -ولا أقول يكون احتذائيًّا قائ ًما على أن
بعضهم ولا أقلهم -الذين يحتذي المفكر العربي عمل تاريخيان ،يتسمان بالإطلاق
نسوا أو تناسوا واقعهم ،م َّما مفكر غربي يحذوه حذو لأنهما يتمان من خارج
أدى إلى تناقضاتهم الفكرية القذة للقذة ،وربما انتقي التاريخ والواقع واللغة
الفادحة طوال مسارات من هنا أو من هنالك حتى والهوية .وكلاهما يجعل
حياتهم الفكرية والسياسية يوهم بالتفرد والجدة ،وإما من المفهومين :الاتصال
والدينية ،وخذ مثلا :الدكتور أن يكون تعميميًّا إطلاقيًّا،
محمد عابد الجابري الذي وكأن الاتصال بالآخرين والانفصال ،غري ًما وض ًّدا
ظل ينافح عن العقل الرشدي اتصال مطلق غير مشروط وعد ًّوا .وكلاهما ارتهان فج
البرهاني طيلة حياته ،ورأي
أنه لا تقدم ولا ديمقراطية بخصوصية الثقافات صريح سواء لماضينا أو
ولا حرية في واقعنا العربي والتواريخ المختلفة بين ماضي الآخرين على حساب
في غياب ابن رشد ،مستبع ًدا الناقل والمنقول .وإما أن
العقل الغزالي العرفاني والذي يكون إقصائيًّا قائ ًما على تغييب حاضرنا لصالح
أسماه بالعقل المستقيل ،إن النفي والإثبات المطلقين ،وإما حاضر الآخرين .فلا نرى
الدكتور الجابري نفسه الذي تلفيقيًّا قائ ًما على الترقيع وج ًها من وجه ثقافتنا إلا
ا َّدعي ملاك الحقيقة المطلقة مرهو ًنا إلى وجه من وجوه
مفتتًا الروح الثقافة العربية الثقافة والحضارة الغربية،
المتكاملة بين عقل وروح، فليس للغزالي قيمة في كتابه
الفذ (المنقذ من الضلال) إلا
بالقياس إلى كتاب (رينيه