Page 187 - merit 41- may 2022
P. 187
185 الملف الثقـافي
-رحمه الله -وبالتحديد نجيب الكيلاني التاريخ وتحولات الثقافة
في الخامس والعشرين من داخل الأنساق الثقافية التي
شهر يوليو عام ،2002قال فلا شىء ثابت ولا جاهز ولا أسلموا أنفسهم إليها تما ًما،
وهو على فراش المرض كما معروف مسب ًقا. فلا يعني أن تكون مثق ًفا أن
يذكر مترجم كتابه (دفاع تقلد الغرب أو حتى الشرق
ولقد فعل الدكتور عبد فتعظم برهان ابن رشد على
عن محمد) ،ج ،1المنشور الرحمن بدوي مثلما فعل
بمجلة الأزهر بمصر العدد حساب عرفانية الغزالي،
يناير « 2017لقد عدت إلى الجابري وزكي نجيب وأن تستخذي من تاريخك
حضارتي العربية الإسلامية محمود من قبل ،فقد ظل الثقافي والروحي والديني
طوال عمره الفكري ينافح والحضاري الخاص فتتبرأ
بعد أن طويت صفحة عن الفكر الوجودي من جهة، من ذلك ،وكأنك تتبرأ من
الوجودية التي استغرقت وينقب عن فكر الإلحاد في
من حياتي عقو ًدا طويلة.. موروثنا الفلسفي العربي ذاتك فتمارس عليها لو ًنا
ولا أستطيع أن أعبر ع َّما من جهة أخرى ،بغية تفعيل من ألوان التبرؤ الحضاري
بداخلي من إحساس عنيف العقل الموضوعي التاريخي
بالندم الشديد؛ لأنني عاديت النسبي ،أو حتى الوجودي، والثقافي ،تحت زعم حب
الإسلام والتراث العربي ثم أنهي حياته الفكرية في العلم واحترام المعقول
باريس بكتابين مهمين:
لأكثر من نصف قرن، الأول -عن( :دفاع عن محمد والمنطق والحياد الموضوعي
أشعر الآن أنني بحاجة إلى -صلي الله عليه وسلم -ضد البليد ،فلا يوجد معقول
من يغسلني بالماء الصافي المنتقصين من قدره في الفكر واحد في العالم ،بل توجد
الغربي) والآخر( :دفاع عن عقلانيات بعدد ما توجد
الرقراق». القرآن) ،والذي نشره ضمن
والسؤال هنا :هل كان تراجع السلسلة القيمة التي يشرف ثقافات وحضارات .العقلانية
عليها الدكتور المفكر محمد أكثر تعقي ًدا وتداخ ًل وجدلية
معظم التنويريين العرب حمدي زقزوق وزير الأوقاف
المعاصرين عما نافحوا السابق ،وقد قال الدكتور مما وهم كثير من مثقفينا،
عنه طيلة حياتهم بأخرة بدوي قبل أن يموت بشهر وهي تتجاوز كل الأنظمة
من حياتهم ،لو ًنا من ألوان الفكرية التفسيرية الثنائية
التطور الفكري؟ أم كان لو ًنا أو حتى الثلاثية ،العقلانية
من ألوان الانقلاب الفكري الأصيلة معقدة حية مثل
وتناقض المفكر مع نفسه
ومقتضيات واقعه وثقافته؟ الحياة تما ًما لا تخضع
وشتان ما بين التطور لتصنيفات ولا مسبقات.
الفكري القائم على الاطراد الواقع التاريخي الثقافي
التاريخي الموضوعي المتسق؛
والانقلاب الفكري القائم على الدنيوي هو ما يفرض
التناقض والإقصاء والانتقاء نموذج عقلانيته الخاصة،
والتفتيت ،فالأول متسق
مع ذاته وثقافته وهويته والحوار بين الثقافات
ونسقيته التاريخية الدينامية والحضارات خاضع لمنطق
الموضوعية المتطورة ،أما
الآخر فتطفر مباغت وانفلات القوة ،فالحقيقة -أية
حقيقة -هي خطاب تاريخي
وتأويل دلالي ،والحوار بين
الثقافات صراع حول قوة
المعاني والدلالات والخطابات
المتعددة المتباينة المتعارضة.