Page 192 - merit 41- may 2022
P. 192

‫العـدد ‪41‬‬                            ‫‪190‬‬

                               ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬                          ‫وأهوائها وتحيزاتها م ًعا‬
                                                              ‫دفعة واحدة‪ ،‬إن منطق العلم‬
 ‫الانفصال المتصل والاتصال‬        ‫الإبداعي الهارب دو ًما من‬     ‫نفسه منطق وبرهان وبيان‬
     ‫المنفصل نفتح أفق اللغة‬     ‫سطوة العقل المحض‪ ،‬وتقع‬
                                                                 ‫وعرفان ووهم وأضاليل‬
 ‫والإبداع والواقع والحضارة‬        ‫المعرفة والطبيعة والواقع‬         ‫دفعة واحدة في اللحظة‬
  ‫العربية من جديد‪ ،‬فنستعيد‬         ‫والحياة واللغة والمفاهيم‬   ‫العقلية الواحدة‪ ،‬ومن هنا لا‬
‫وجودنا وهويتنا‪ ،‬فنفكر فيما‬        ‫التي جردناها من قبل في‬     ‫مفر لنا من فتنة الأسر داخل‬
                                  ‫مهول اللاتحدد‪ ،‬ومفازات‬      ‫أحيازنا الرمزية والتصورية‬
    ‫لم نفكر فيه بعد‪ ،‬ونطرق‬       ‫اللايقين‪ ،‬وغابات اللادقة‪،‬‬    ‫والعقدية والتاريخية‪ ،‬لا مفر‬
   ‫أبوا ًبا لم نطرقها من قبل‪،‬‬  ‫مما يستلزم تمثلات عقلانية‬        ‫لنا من انحيازاتنا المعرفية‬
‫ونسلك طر ًقا بك ًرا لم نسلكها‬  ‫استعارية جديدة تستلزم منا‬     ‫والتاريخية والعقدية سواء في‬
                                ‫أن نتحرر دو ًما مما عرفناه‬    ‫تصوراتنا العلمية التجريبية‬
       ‫من قبل‪ ،‬فنستطيع أن‬          ‫وألفناه‪ ،‬حتي نتمكن من‬       ‫أو علومنا الإنسانية‪ ،‬فطالما‬
 ‫نخلخل البدهي ج ًّدا‪ ،‬ونزلزل‬     ‫أن يحررنا اللامعروف من‬          ‫نحن كائنات لغوية فنحن‬
 ‫الراسخ المستبد‪ ،‬فنرى ما لم‬     ‫أوهام المعروف‪ ،‬وأن يطلقنا‬        ‫كائنات استعارية قياسية‬
  ‫نره‪ ،‬ونسمع ما لم نسمعه‪،‬‬      ‫اللامألوف من ربقة المألوف‪.‬‬         ‫بالضرورة‪ ،‬لا نملك حق‬
                                ‫ولعل كل هذا يحتاج منَّا إلى‬  ‫مطابقة الحقيقة أب ًدا‪ ،‬بل نحن‬
     ‫ونمارس ما لم نمارسه‪.‬‬          ‫رهق وفحص وتمحيص‬           ‫نقارب الحقيقة أ ًّيا كان لونها‬
‫إن الراسخ الثقافي الحضاري‬       ‫وهدم وبناء‪ ،‬كما يحتاج إلى‬     ‫ولا نتطابق معها أب ًدا‪ ،‬وطالما‬
                                ‫أن نمارس صو ًرا من صور‬            ‫نحن نفكر بالاستعارات‬
      ‫المحيط بنا يمثل حاج ًزا‬       ‫الجدل البيني التعددي‪،‬‬    ‫فستظل هناك فجوات معرفية‬
     ‫وقنطرة م ًعا‪ ،‬فلا بد من‬      ‫والتداخل الحواري المعقد‪،‬‬      ‫وثقافية ومنهجية راسخة‬
    ‫فقدان يتبعه لقيان‪ ،‬ومن‬         ‫حتى نتمكن من استنباع‬        ‫وحتمية‪ ،‬تفصل بيننا وبين‬
  ‫موت يتبعه حياة‪ ،‬ومن ليل‬         ‫أسئلة الثقافة والحضارة‬          ‫حقيقة الواقع من حولنا‬
 ‫يعقبه نهار‪ ،‬وفي هذه اللحظة‬       ‫العربية من واقع أزماتها‬       ‫شئنا أم أبينا! لذلك لا مفر‬
 ‫تحدي ًدا سوف نطرح أسئلتنا‬        ‫التاريخية الفعلية‪ ،‬فتكون‬     ‫لنا من الوعي بآليات الوهم‬
 ‫الثقافية والحضارية العربية‬     ‫لنا أسئلتنا العربية الخاصة‬      ‫في حياتنا الفكرية‪ ،‬والوهم‬
   ‫الحرة الأصيلة من جديد‪،‬‬        ‫وأجوبتنا العربية الخاصة‬         ‫هنا يتجاوز مجرد الجهل‬
    ‫متجاوزين معظم الأسئلة‬                                        ‫البدئي السطحي‪ ،‬بل هو‬
‫الثقافية والحضارية الوهمية‬           ‫أي ًضا‪ ،‬ومن خلال هذا‬        ‫يمثل أقصي حدود إرادة‬
‫المكرورة‪ ،‬والإجابات الخرافية‬                                  ‫المعرفة حين تصطدم بإرادة‬
 ‫المتوارثة‪ ،‬وعنذئذ ستوصف‬                                          ‫الوجود والحياة‪ ،‬عندما‬
‫أسئلتنا بالصدق المر والغرابة‬                                 ‫يصل أقصي حدوده الفكرية‬
                                                                   ‫فيرتطم بأقصي سقف‬
                                                                 ‫حده الفكري والإنساني‪.‬‬
                                                                ‫ففي هذه المنطقة الغامضة‬
                                                              ‫الملتبسة بين خطاب عقلانية‬
                                                                 ‫المعرفة وجسارة طلاقات‬
                                                                  ‫الحياة يكمن هذا الضوء‬
   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197