Page 258 - merit 41- may 2022
P. 258

‫العـدد ‪41‬‬                             ‫‪256‬‬

                                    ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

     ‫فأحاطته ببعض من الغرائبية‬      ‫الرغبة الدفينة في إنشاء عالم مغاير‬    ‫عنه نحو خلق تعابير فنية مخالفة‪،‬‬
  ‫الموغلة في التعقيد لتتجلى وكأنها‬      ‫تنشده الذات المصرية القديمة‬       ‫وهو ما يجعل التأويل منفت ًحا على‬
   ‫طلاسم تحتاج إلى ذات مفارقة‬
    ‫لتحل ألغازها وتفتح المغلق من‬       ‫يرتبط أسا ًسا بالمثل المفارقة‪ ،‬أم‬     ‫مسارين اثنين لا يمكن الفصل‬
 ‫معانيها‪ ،‬فذات الفنان هي انعكاس‬        ‫هو جمع بين هذا وذاك فتختلط‬          ‫بينهما قد تجمعهما طبيعة المنطلق‬
  ‫لذوات مجتمعية انتهجت الطريق‬        ‫القدوسية والألوهية مع التوق إلى‬        ‫الإنشائي الفني الذي وإن بدا في‬
                                      ‫عالم أفضل والنظرة الحالمة التي‬
    ‫نفسه فأحاطت تواجدها بكبير‬           ‫ترنو إلى تقويض أركان الحياة‬          ‫غالبه وفيًّا للمدركات المباشرة‪،‬‬
       ‫قوي لعله يهبهم بع ًضا من‬                                                 ‫فإنه يسرق اللحظة المتمردة‬
                      ‫الخصال‪.‬‬             ‫السطحية المملة والخالية من‬
                                           ‫حلاوة حياة ما بعد الموت‪.‬‬          ‫الشاردة المنفصلة عن المتصور‬
     ‫لا تختلف بنائية الإلهة باست‬                                                      ‫المادي المرئي والمعلن‪.‬‬
 ‫والتي بدت بدورها ضمن تركيب‬           ‫الأنا الفنية زمن الآلهة الفرعونية‬
                                     ‫كيان شغوف بتصوير روحانيات‬            ‫جمالية الصورة تستوقف المشاهد‬
    ‫جانبي‪ ،‬وعلى شاكلة مسطحة‪،‬‬         ‫تعالج سقم الجوهر الممتد لتحقق‬          ‫ليتأمل المعالجة الفنية والتوظيف‬
         ‫جامعة للهيكلة الإنسانية‬                                          ‫الأسلوبي لمكونات العمل التشكيلي‬
                                           ‫نقاء الروح من أدران المادة‬
‫والحيوانية‪ ،‬هي صورة قد تتطابق‬        ‫الفيزيقية‪ ،‬ومن ثمة تتجلى لمسات‬           ‫الذي يطغى عليه البعد الشكلي‬
 ‫مع غيرها من حيث المبنى وكذلك‬                                               ‫الهيكلي محدد زوايا النظر‪ ،‬يغلب‬
‫المعنى‪ ،‬إذ الوظيفة تبدو ذاتها‪ ،‬فهي‬       ‫الفنان على غير العادة فتظهر‬
                                       ‫عناصر التشكيل وكأنها فواعل‬              ‫عليه الطابع الجانبي المسطح‪،‬‬
   ‫تنصب على عرش الآلهة الأنثى‬       ‫مفارقة تخيط العالم المفارق لتحيله‬        ‫والحضور اللوني الموزع ضمن‬
‫ذات القوام والتي تجمع بين القوة‬
                                         ‫إلى بديل منظور في ظل توأمة‬            ‫بناء تناسقي يجعل من اللون‬
   ‫والمحبة‪ ،‬واهبة للنعمة‪ ،‬ومصدر‬       ‫متناهية الهندسة قوامها الغوص‬            ‫يتكرر في مواقع متباعدة وعلى‬
 ‫طمأنينة وقت الشدائد‪ ،‬فتضايفت‬         ‫في خيالات الأنا المستترة‪ ،‬ونبش‬          ‫مساحات متفاوتة تذكر به في‬
                                      ‫خوالجها قصد استجلاء علامات‬               ‫كل جزء من المساحة الحاملة‬
    ‫فيها صفات متداخلة أوجدتها‬                                                ‫للصورة‪ ،‬ويواصل تأمله لجملة‬
 ‫الحاجة إلى الأمل في الخلاص من‬             ‫دلالية تعلن ترابط الروحي‬       ‫المعاني المضمنة والمتضمنة لمعاجم‬
                                        ‫بالتشكيلي ضمن مناخ عقائدي‬           ‫دلالية تؤكد غياب الاعتباطية في‬
           ‫بؤس الحياة المباشرة‪.‬‬       ‫يصور طقوس ذوات أثثت المكان‬          ‫المنجز الفني‪ ،‬وتقدم الجانب الخفي‬

                                                                               ‫علينا والذي قد نستلهمه من‬
                                                                          ‫معطيين اثنين‪ ،‬بدايته عينية مرئية‬

                                                                               ‫ومنتهاها ما حرر من قراءات‬
                                                                             ‫حول صورة الإله أنوبيس هذا‬
                                                                             ‫الواقف الشامخ المحدث للجدل‬
                                                                               ‫باعتباره يمثل جس ًدا تنصهر‬

                                                                                ‫فيه روحان إحداهما آدمية‪،‬‬
                                                                             ‫والأخرى حيوانية‪ ،‬وهي هيكلة‬
                                                                              ‫تثير الغرابة وتطرح تساؤلات‬
                                                                           ‫جمة حول إن كان الابتداع الفني‬
                                                                            ‫المتصل بشغف الفنان الفرعوني‬
                                                                             ‫وليد الحاجة لخلق عظمة وهالة‬
                                                                           ‫وقداسة يريد بها الحماية؛ أم هو‬
                                                                          ‫تصور أسطوري غايته خلق بدائل‬
                                                                               ‫حياتية قد تهدف إلى نوع من‬
   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262   263