Page 22 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 22
العـدد 28 20
أبريل ٢٠٢1
طارق إمام
الأر ُض تحت خطو ٍة عرجاء..
قراءة في "الوداع في مثلث
صغير" لأحمد يماني
«أحاول أن أشرح في لغ ٍة تعلم ُتها كبي ًرا /ذلك الخط الذي يمتد من
جبهتي حتى القدمين» :انطلا ًقا من هذا السطر المبكر في الصفحة
الأولى ،وحتى آخر كلمة في الصفحة الأخيرة ،سيحاول أحمد يماني
في مجموعته الشعرية الأحدث «الوداع في مثل ٍث صغير»* تعريف
ذلك الخط ،الذي يعني باختصار حدود جسده .يفعل ذلك عبر لغتين
في الحقيقة ،هذه التي تعلّمها كبي ًرا حيث هاجر ،وتلك التي تعلّمها
صغي ًرا حيث ُو ِلد ،وبها يكتب« :أحاول أن أشرح ذلك أي ًضا /في لغ ٍة
تعلّمتها صغي ًرا».
الأرض بخطو ٍة تعلو الأخرى ،صيغ ًة لحركته لغ ٌة اضطراري ٌة للتلفظ ،وأخرى لا مناص
في العالم ،وحيث تتجسد زاوية رؤية الوجود
شعر ًّيا في هذه المجموعة الشعرية البديعة« :أنا منها للتدوين ،وبينهما وجو ٌد عالق بين الكلام
خطوة أبي العرجاء /لهذا أرى العالم مائ ًل من والكتابة.
زاوي ٍة ما». ما السبيل إلى تمثيل الجسد /العلامة الحسية،
باللغة /العلامات المج ّردة؟ سؤا ٌل لن يكف
صعود الجبل ..نزول المقبرة عن اختبار نفسه ،بامتداد القصائد التسع
والثمانين ،قصيرها وطويلها ،حيث ثمة بلا
تبدأ مجموعة يماني بـ»الخيط» وتنتهي هوادة المعيش التجريبي وهو يتساءل عن
بـ»الوداع» .إنهما أكثر من عنوانين ناصعي
الدلالة لأولى القصائد وآخرها ،فبين الميلاد عملية تح ّوله إلى ن ٍص تجريدي قوامه الكلمات
الكامل والفناء التام ،يبدوان قوسين على شاهد (أليس هذا هو في الأخير سؤال الشعر
نفسه؟).
مقبرة.
يؤ ِّطر القوسان بنا ًء شموليًّا للكتاب لا يخلو وبجس ٍد لم يرث سوى ما اق ُت ِطع من قامة الأب،
يتبنى الوار ُث بدوره «خطوة الأب العرجاء»،
ل ُيصبح مش ُيه المُرا ِوح ،عد ُم تساوق قدميه فوق