Page 212 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 212
العـدد 25 210
يناير ٢٠٢1 النابهين من أولي السبق
والكفاية ،إلى أيدي نفر
والجماهير حوله أمكن الضغائن بين العرب والفرس مغمورين في دينهم وعقلهم،
من اجتياز هذه الأزمات وغيرهما من الأجناس التي حد ًثا جليًّا في تاريخ الإسلام،
العصيبة وهو سالم معافى، دخلت الإسلام قب ًل ،وكان ولولا الملابسات التي صحبت
الحاكم المستبد يثير هذه هذا الانهيار في الأداة الحاكمة
ثم يستأنف سيره في النزعات الضالة ،ضار ًبا لوقف سير الإسلام كرسالة
العصور من جديد. بعضها بالبعض ومنتص ًرا عامة .ومن هذه الملابسات أن
بإحداها على الأخرى؛ حتى كثي ًرا من ذوي الفضل ،رأوا
وكان لزا ًما للقبضة المتزمتة هانت قيم الخلق والتقوى أن يعترفوا بالأمر الواقع ،وأن
أن تعادي كل فكر ليبرالي بعدما تولى رئاسة الدولة يخدموا الدين في ظله قدر ما
تحرري ،على الرغم من أن غلمان ماجنون ،وبعدها ُلعن تواتيهم الفرص ،فسلموا للولاة
المتغيبين وتعهدوا للمجتمع
العلمانية ليست موق ًفا عقد ًّيا السابقون الأولون على المنابر، بما يمكنهم من الإصلاح.
من الدين ،بل هي موقف من حتى إن شاع ًرا مسيحيًّا لقد تحولت الخلافة الراشدة
النظام السياسي في المجتمع، إلى ملك عضوض ،واحتكرت
ولا علاقة له بالإيمان قل أو مدح يزيد بن معاوية فقال: زعامة المسلمين أسر معينة،
ذهبت قريش بالسماحة في العهد الأموي ،فضعف
كثر أو حتى انتفى تما ًما، إحساس الأمة بأنها مصدر
إنه موقف من نظام الحياة والندى /واللؤم تحت عمائم السلطة ،وأن أميرها نائب
الأنصار! وابتذلت حقوق منها أو أجير لديها ،وأصبح
ووضع المجتمع وقوانين الحاكم الفرد هو السيد المطلق
الدولة ،ومن علاقة الدين الأفراد وحرياتهم على أيدي النفوذ ،والناس أتباع إشارته؛
بالدولة ،لهذا لا يمنع أن الولاة المناصرين للملك ترى الناس إن سرنا يسيرون
أكون مؤمنًا وأصوم وأصلي العضوض ،فاسترخص حولنا /وإن نحن أومأنا إلى
وأراعي تأدية الفروض الناس ركضوا! وتولى الخلافة
وأشجعها ،لكن يبقى لدي القتل والسجن! حتى يروي رجال ميِّ ُتو الضمير وشباب
موقف علماني من السياسة الترمذي عن هشام بن سفهاء ،جريئون على معصية
أو من نظام الدولة ،وعليه لا حسان قال( :أحصى ما الله واقتراف الإثم ،وليس
ينبغي أن يؤدي تعبير ديني لثقافتهم الإسلامية قيمة.
ومدني ،وإسلامي وعلماني قتل الحجاج صب ًرا فوجد ثم اتساع نطاق المصروفات
مئة ألف وعشرين أل ًفا)! الخاصة للحاكم وبطانته
إلى تشويش على صلب وروى البخاري عن سعد ومتملقيه ،وتحمل هذه المغارم
القضية ،فهي تعبيرات بن المُسيب :لما وقعت الفتنة بيت مال المسلمين وأثر هذا
مجحفة لا تخلو من عمومية، الأولى -أي مقتل عثمان -لم الس ّرف الحرام على حاجات
تنحرف كثي ًرا عن التوصيف تبق من أصحاب بدر أح ًدا، الفقراء ومصالح الأمة ،وعادت
الدقيق للرجال وللمواقف. ثم وقعت الفتنة الثانية عصبية الجاهلية التي هدمها
فكلمة ديني تعني أن -أي الحرة -فلم تبق من الإسلام ،فانقسم العرب
العلماني لا إيمان له ،وكلمة أصحاب ال ُحديبية أح ًدا ،ثم قبائل متفاخرة ،ووقعت
مدني تعني أن الإسلام بلا وقعت الثالثة فلم ترتفع
مواقف من قضية المجتمع وللناس َطباخ (أي فقدوا
وأركان الدولة ،وكلاهما قوتهم) ،والواقع أن الهزة
غير صحيح ،وماذا عن التي أصابت الإسلام من
الفضائل الإسلامية والفرق هذه الفتن المترادفة كانت
العلمانية التي تختلف من العنف بحيث لو أصابت
فيها بينما في الكثير من دعوة أخرى لهدمتها ،ولكن
الأيديولوجيات والمناهج معدن الدين وتماسك العلماء