Page 216 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 216

‫العـدد ‪25‬‬           ‫‪214‬‬

                                                               ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬  ‫شخص «مقدس» في دين ما‪.‬‬
                                                                            ‫هنا لا بد أن يختلف الوضع‬
 ‫المرأة والسود والمهاجرين‬     ‫سنوات أسا ًسا؟! بل وصل‬                       ‫لأن الحكم على هذا التصرف‬
    ‫والمسلمين‪ ،‬ولكن ترى‬        ‫الأمر لأن يتم القبض على‬                       ‫لا ينبغي له أن يكون حك ًما‬
   ‫مواقفه مؤيدة لقناعتهم‬     ‫شخصين مسلحين مؤيدين‬
   ‫الأخلاقية المسبقة‪ ،‬ولذا‬                                                    ‫أخلاقيًّا‪ ،‬باعتبار أن الحكم‬
                                 ‫لترامب في سيارة مليئة‬                         ‫الأخلاقي هو حكم مطلق‬
‫تغفر له نواقصه وتبرر له‬        ‫بصناديق تحوي بطاقات‬                         ‫ونهائي كالعمليات الرياضية‬
  ‫زلاته‪ .‬يأتي بايدن ليعيد‬       ‫انتخابية مزيفة‪ ،‬متجهين‬                       ‫لا يقبل الجدل أو الخلاف‪.‬‬
   ‫سياسة أوباما والتي لم‬
    ‫تتبن موق ًفا مسب ًقا من‬      ‫إلى المركز الانتخابي في‬                          ‫وبرغم ارتفاع سقف‬
   ‫أحد‪ ،‬ولا حتى الإخوان‬       ‫فلادلفيا‪ ،‬في محاولة لصنع‬                       ‫الحريات وارتفاع المستوى‬
                              ‫حالة من التشكك في نزاهة‬
 ‫المسلمين‪ ،‬فلم تمانع إدارة‬                                                     ‫الثقافي للأفراد في الدول‬
    ‫أوباما تصدر الإخوان‬        ‫العملية الإنتخابية‪ ،‬لتؤكد‬                      ‫الغربية إلا أنها تعاني هي‬
                             ‫شكوك مؤيدي ترامب إيما ًنا‬                        ‫الأخرى من هذه الظاهرة‪،‬‬
   ‫للحكم في مصر‪ ،‬وأي ًضا‬                                                   ‫لذلك نرى أنه حتى في أمريكا‬
‫لم يحاول التدخل في ثورة‬       ‫منهم بأن الغاية الأخلاقية‬                       ‫يصل الاختلاف السياسي‬
                                 ‫تبرر الوسيلة‪ ،‬حتى لو‬                      ‫إلى حد تجاوز الآراء والأفكار‬
  ‫يونيو وصعود السيسي‬                                                          ‫واعتبار المسألة المطروحة‬
     ‫للحكم‪ .‬قد يؤخذ على‬      ‫كانت الوسيلة غير أخلاقية‪.‬‬                     ‫قضية أخلاقية‪ ،‬وخاصة عند‬
                              ‫إذا طبقنا هذا التفسير على‬                     ‫التعامل مع قضايا مجتمعية‬
  ‫بايدن في لقائه مع القادة‬                                                   ‫حساسة مثل المساواة بين‬
  ‫المسلمين ترديده لحديث‬      ‫السيناريو الفرنسي فسنجد‬                       ‫الرجل والمرأة وزواج المثليين‬
                              ‫أن ردود الفعل من الجانب‬
      ‫من رأى منكم منك ًرا‬                                                           ‫وحقوق المهاجرين‪.‬‬
 ‫فليغيره‪ ..‬وهو لا يعلم أن‬        ‫الإسلامي والعربي على‬                         ‫“القناعة الأخلاقية» تبرر‬
‫هذا الحديث أو تأوليه كان‬       ‫حادث قتل المدرس جاءت‬
  ‫مصدر مشاكل في العالم‬          ‫في معظمها مؤيدة‪ ،‬وعلى‬                            ‫لمن يتفق معها أخطاءه‬
                                                                            ‫وتتلمس له الأعذار‪ ،‬وتتقبل‬
    ‫الإسلامي نفسه‪ ،‬حيث‬            ‫أفضل الأحوال مبررة‬
‫سمح بفرض الوصاية من‬             ‫للقتل‪ .‬فالبرغم من اتفاق‬                         ‫الحكم القضائي إذا جاء‬
‫المواطن العادي على مواطن‬       ‫الجميع على أن القتل عمل‬                         ‫في صالحها‪ ،‬في حين أنها‬
 ‫آخر بغير وجود سلطة أو‬         ‫غير أخلاقي‪ ،‬فإنه في هذا‬                      ‫ترفضه وتتهمه بالتزوير إذا‬
                                                                              ‫اختلف معها‪ ،‬في غياب تام‬
   ‫صلاحية تخول له ذلك‪.‬‬            ‫السياق ارتبط «بقناعة‬                       ‫للموضوعية‪ .‬فكيف لقطاع‬
 ‫وبغض النظر عما إذا كان‬            ‫أخلاقية»‪ ،‬مؤداها أن‬                     ‫من الجمهوريين أن يطعن في‬
‫بايدن يعني تصريحه ح ًّقا‬      ‫السخرية من الرسول هي‬                           ‫نتيجة الانتخابات الرئاسية‬
                              ‫عمل أكثر لا أخلاقية‪ .‬ذلك‬                       ‫بسبب هزيمة ترامب مدعيًا‬
   ‫أم أنه استغله للحصول‬          ‫يوضح تعليقات الأزهر‬                          ‫وجود مؤامرات لإسقاطه‪،‬‬
 ‫على مكاسب انتخابية لدى‬       ‫بأننا ندين الإرهاب ولكن‪..‬‬
  ‫شريحة المسلمين‪ ،‬والتي‬         ‫وهنا كلمة «ولكن” تلغي‬                            ‫ومشك ًكا في موسسات‬
                             ‫الإدانة أ ًّيا كانت الجملة التي‬                 ‫وقوانين المجتمع الأمريكي‬
     ‫قد تساعده في مناطق‬                                                    ‫وآلياته الديمقراطية‪ ،‬في حين‬
 ‫تجمعاتهم‪ ،‬وقد حدث ذلك‬                           ‫تلتها‪.‬‬                      ‫أنها هي نفس الآليات التي‬
                                 ‫القناعة الأخلاقية تفسر‬
    ‫بالفعل‪ ..‬إلا أنه يوضح‬        ‫تأييد ‪ ٧٠‬مليون ناخب‬                           ‫أتت به للحكم منذ أربعة‬
  ‫أنه لم يأت بأيديولوجية‬     ‫أمريكي لترامب‪ .‬فعدد ليس‬
  ‫جامدة‪ ،‬لأنه لا يحكم على‬        ‫بقليل منهم ‪-‬إن لم تكن‬
  ‫الأشياء بقناعة أخلاقية‪،‬‬     ‫الأغلبية‪ -‬تراه رجل أعمال‬
‫والدليل على ذلك استخدامه‬        ‫غير أمين ومتعصب ضد‬
‫لآيات من الإنجيل وتراتيل‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221