Page 218 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 218

‫العـدد ‪25‬‬                 ‫‪216‬‬

                                                                    ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬       ‫أرنست وليم‬

‫إحداهما عند اقتراب الكاميرا‬        ‫استيقظت فرنسا ذات‬               ‫الكابوس الأوروبي‬  ‫(فرنسا)‬
‫أنها مصرة على لبس الحجاب‬
                                  ‫صباح في سبتمبر عام ‪1989‬‬
               ‫حتى الموت‪.‬‬           ‫على أزمة غريبة من نوعها‪،‬‬
‫إ ًذا هو مظهر ديني‪ ،‬تمييزي‪،‬‬       ‫طالبتان ‪ 13‬و‪ 14‬عا ًما «ليلى»‬

       ‫لأطفال في بداية سن‬        ‫و»فاطمة» تذهبان إلى المدرسة‬
‫المراهقة‪ ،‬إن لم يكونوا اطفا ًل‪،‬‬        ‫في مدينة «كراي» وعلى‬
                                             ‫رأسهما حجاب‪.‬‬
   ‫مع كل ما يترتب على ذلك‬             ‫رفض المدرس دخولهما‬
 ‫من ممارسة أنشطة تعليمية‬
‫مشتركة بين الجنسين بلبس‬            ‫الحصة لأن هذا يناقض مع‬
                                    ‫علمانية مؤسسات الدولة‪،‬‬
               ‫خاص بها‪.‬‬             ‫المساحة المشتركة المحايدة‬
    ‫وقف «ليونل جوسبان»‬                ‫التي يجب أن يتعلم فيها‬
 ‫وزير التربية حينها‪ ،‬يتحدث‬         ‫الجميع نفس المواد دون أن‬
 ‫في البرلمان راف ًضا أن يكون‬        ‫يميز القائمون على العملية‬
                                 ‫التعليمية بين الطلبة‪ ،‬ولا يميز‬
      ‫للدولة موق ًفا صار ًما‪،‬‬      ‫الطلبة أنفسهم بشيء يجعل‬
   ‫بقانون أو مرسوم‪ ،‬يمنع‬            ‫من هويتهم الدينية موضع‬
 ‫بشكل واضح صريح قبول‬              ‫شد وجذب‪ ،‬تبشير أو تبرير‪،‬‬
   ‫أي مظهر ديني للطلبة في‬          ‫ولكنها صارت قضية جدل‬
 ‫المدارس‪ ،‬أو تدخل الأهل في‬       ‫سياسي وفكري واسع النطاق‬
   ‫العملية التعليمية وتحديد‬           ‫حول حيادية المؤسسات‬
     ‫الانشطة التي يجب على‬         ‫وقمع الأقليات‪ .‬البعض اعتبر‬
 ‫أبنائهم ممارستها‪ ،‬أو المواد‬         ‫ذلك ليس رم ًزا دينيًّا‪ ،‬إنما‬
    ‫التي يتعلمونها‪ .‬بل ترك‬         ‫جزء من الثقافة التي ترحب‬
   ‫ذلك لكل مؤسسة تعليمية‬          ‫فرنسا بتنوعها‪ ،‬فلا يمكن أن‬
 ‫وإداراتها عن طريق النقاش‬        ‫نقبل مهاجرين دون أن نكون‬
    ‫مع الطلبة والأهل‪ ،‬وبناء‬        ‫مستعدين لتقبل الاختلافات‬
  ‫علاقة ثقة وتفاهم بين كل‬
 ‫الأطراف بما لا يخل بحسن‬                           ‫الثقافية‪.‬‬
                                         ‫ولكن حديث البنتين‬
     ‫سير العملية التعليمية‪،‬‬            ‫للتليفزيون كان حاس ًما‬
   ‫أو اتخاذ الإجراء المناسب‬         ‫وقاط ًعا‪ ،‬إذ اعتبرتا أن ذلك‬
‫بالتوافق مع الإدارة التعليمية‬     ‫ليس من الفلكلور بل من هذا‬
    ‫لكل منطقة في حالة عدم‬           ‫الجانب من الثقافة التي لا‬
‫الوصول لحلول مرضية لكل‬              ‫تريد الدولة أن يتداخل مع‬
                                     ‫المشترك العام‪ ،‬إنه الدين‪.‬‬
                ‫الأطراف‪.‬‬         ‫قالتا بإصرار إنه أمر من الله‪،‬‬
  ‫لقد أوجد «جوسبان» بهذا‬          ‫وإنهما لن تخلعاه لأي سبب‬
                                  ‫كان‪ ،‬فهما تريدان أن ترضيا‬
      ‫التصريح أول تناقض‬            ‫الله ولا تغضبانه‪ ،‬وأضافت‬
      ‫وضعت الدولة نفسها‬
     ‫فيه‪ ،‬وهو من جانب أن‬
    ‫ليس من العلمانية إظهار‬
       ‫الهوية الدينية بشكل‬
   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223