Page 87 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 87

‫‪85‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                                                         ‫عبد العزيز دياب‬

    ‫القصة التي تحولت إلى ضفدع‬

‫ومتغطر ًسا‪ ،‬لكنه اكتشف أنه صار في مواجهة حادة‬                 ‫قصتي تحولت إلى ضفدع‪ ،‬لا غربة‪ ،‬فكثي ًرا ما‬
  ‫مع شبيح‪ ،‬فر من أمامي‪ ،‬تحول إلى ثعبان وعندما‬              ‫تحولت قصصي إلى كائنات مثل بقرة‪ ،‬أو عنزة‪..‬‬
 ‫رفعت «السنجة» لأفصل رأسه عن جسده‪ ،‬ترجرج‬
                                                                                       ‫غراب‪ ،‬أو سحلية‪..‬‬
‫طولي الفارع‪ ،‬تبدلت هيئتي‪ ،‬صرت‪ /‬صارت قصتي‬                   ‫أول مرة عندما تحولت إحدى قصصي إلى بقرة‬
   ‫عمود دخان أسود‪ ،‬رف طائ ًفا في فضاء الحجرة‬              ‫أصابني الفزع‪ ،‬رأيتها ترتع في حجرتي التي بدت‬
                             ‫ودخل درج مكتبي‪.‬‬                ‫وكأنها اتسعت وصارت خضراء بلون البرسيم‪،‬‬
     ‫تخليت عن أفكاري الشريرة حتى لو راودتني‬               ‫بل كانت بالفعل مزروعة بالبرسيم‪ ،‬استغرق ذلك‬

 ‫لثانية أو أقل من الثانية‪ ،‬أفكاري الطيبة المتسامحة‬            ‫أقل من ثانية إذ انسحبت ودخلت درج مكتبي‬
 ‫حولت لي قصة ذات مساء إلى خزينة‪ ،‬و َض ْع ُت على‬             ‫كعمود من دخان أخضر على هيئة بقرة ترتع فى‬
 ‫أحد أرففها مبل ًغا من المال لم يكن هينًا‪ ،‬لم أنتبه إلى‬  ‫حقل برسيم‪ ،‬يومها أو ليلتها فتحت الدرج‪ ،‬سمعت‬
   ‫أنها كانت محض قصة‪ ،‬عادت الخزينة أو القصة‬              ‫خوارها واطمأن قلبي أن البقرة لم تلوث قاع الدرج‬

    ‫سيرتها الأولى‪ ،‬دخلت الدرج ككل مرة على هيئة‬                                  ‫بالروث العالق بحوافرها‪.‬‬
 ‫دخان‪ ،‬أخذت معها ما ائتمنتها عليه من مال‪ ،‬بحثت‬              ‫بعد ذلك اعتدت الأمر‪ ،‬عرفت أن قصصي أحيا ًنا‬
                                                            ‫تتحول لتحقق أحلامي وأمنياتي‪ ،‬كان ذلك شيئًا‬
                        ‫عنه في الدرج دون فائدة‪.‬‬            ‫مرعبًا بالنسبة لي‪ ،‬لأن أفكاري الشريرة قد تغلب‬
  ‫اليوم تحولت لي قصة إلى ضفدع‪ ،‬سمعت النقنقة‪،‬‬             ‫بعض الشيء على أفكاري الطيبة‪ ،‬تحاشيت التفكير‬
   ‫وكأنما انشق بحجرتي جدول ماء يرتع الضفدع‬                ‫بأنني عميل مزدوج‪ ،‬أتسبب في حروب مدمرة بين‬
                                                          ‫قريتنا والقرى المجاورة‪ ،‬أو بين عائلتنا والعائلات‬
    ‫على حافتيه ويقفز إلى عمق الماء‪ ،‬يشرخ الصمت‬
   ‫بصوته المزعج‪ ،‬حدث كل ذلك في الوقت الضئيل‬                   ‫الأخرى‪ ،‬فتنهزم عائلتنا شر هزيمة‪ ،‬ويحكمنا‬
‫من الثانية وأنا على حافة النعاس‪ ،‬شعرت بلزوجته‪،‬‬           ‫رجل أحول لا يعرف إلا الكلام المبتذل‪ ،‬مرة واحدة‬
‫عرفت أنه بجانبي على السرير‪ ،‬أصابني الأرق وطار‬
  ‫النوم من عيني إلى ما بعد منتصف الليل وأنا على‬            ‫فكرت في أقل من الثانية أنني َشبّيح‪ ،‬خرج عمود‬
                                                              ‫دخان أسود من درج مكتبي‪ ،‬انتصب وطاول‬
                            ‫سفر في صباح الغد‪.‬‬
    ‫أخي الباحث بدرجة ماجستير في علم التشريح‬               ‫سقف الحجرة‪ ،‬تجسد متخ ًذا شكلي وهيئتي‪ ،‬كنت‬
     ‫هو الذى خلصني من هذا الضفدع‪ ،‬ذهب عنى‬                     ‫طوي ًل وفار ًعا‪ ،‬وجنتي مشوهة بجرح شرس‪،‬‬
 ‫الأرق‪ ،‬لكنني أفقت من نعاسي على مشهد الضفدع‬
  ‫المسلوخ‪ ،‬المثبت بدبابيس في سطح الطاولة‪ ،‬عرفت‬            ‫َش ْعرى أشعث ومنفلت‪« ،‬السنجة» في يدى غاضبة‬
    ‫لحظتها أنني افتقدت قصتي‪ ،‬وكل ما أخشاه أن‬              ‫وعدوانية‪ ،‬وضع أبى بين يدى قبل موته تفاصيل‬
‫تتحول كل قصصي إلى ضفادع تقع فريسة لأخي‪.‬‬
                                                              ‫اغتصاب «س» لأرضنا‪ ،‬كان يتألم وهو يحكى‬
                                                             ‫لي تفاصيل هذه الواقعة بأننا سنكون فقراء في‬
                                                            ‫الوقت الذى سيكون فيه «س» غنيًّا‪ ،‬كان سم ًجا‬
   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92