Page 88 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 88

‫العـدد ‪25‬‬    ‫‪86‬‬

                                                      ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

‫عائد خصباك‬

‫(العراق)‬

‫ثلاث قـصص‬

       ‫الأطفال‪ ،‬حينها لا تجدي لومة اللائمين نف ًعا‪.‬‬         ‫‪ -1‬ديك عن ديك يختلف‬
                    ‫قلت‪ :‬ما العمل؟ قالت‪ :‬نذبحه‪.‬‬
                                                     ‫كان عدد الأفراخ عشرة عندما أحضرتهن إلى البيت‪،‬‬
            ‫قلت‪ :‬اتركيني أفكر فالأمر ليس سه ًل‪.‬‬       ‫لكن الأقدار لم تعط فرصة الحياة إلا لخمسة منهن‪،‬‬
  ‫في اليوم التالي كان قرار موافقتي صعبًا عليَّ‪ .‬عند‬
 ‫الظهر أضربت عن الطعام‪ ،‬عندما رأيته مشو ًّيا على‬         ‫أربع دجاجات وديك واحد‪ ،‬له عرف أحمر كبير‬
                                                      ‫يهزه عندما يغضب‪ ،‬أما ألوان ريشه فبعضها تبدو‬
                                   ‫مائدة الغداء‪.‬‬       ‫أشد لمعا ًنا عندما تسقط عليها أشعة شمس ما بعد‬
                    ‫***‬
  ‫في اليوم الثاني‪ ،‬فتحت عين َّي على صياح ديك‪ ،‬لكن‬                                             ‫الظهر‪.‬‬
  ‫الصياح كان صياح ديكي وهذا شيء غير معقول‬             ‫في البداية كان صياحه عند الفجر مصدر إزعاج لي‪،‬‬
   ‫لأن ديكي انتهى في بطون القوم‪ ،‬قلت في نفسي‪:‬‬        ‫لأن شباك غرفتي يطل على الحديقة‪ ،‬التي هي ملعبه‪،‬‬
  ‫هذه مجرد أضغاث أحلام‪ .‬لكن لا‪ ،‬الصياح نفسه‪،‬‬          ‫يصول فيها ويجول‪ ،‬ما رأيت مثله دي ًكا نشي ًطا من‬

                                   ‫تكرر وتكرر‪.‬‬            ‫قبل‪ .‬كانت حديقة منزلنا جنّة له ما بعدها جنة‪،‬‬
  ‫خرجت إلى الحديقة فرأيت ثلاث دجاجات و ليس‬               ‫أخذها طو ًل وعر ًضا والدجاجات تحت جناحيه‪،‬‬
  ‫أرب ًعا يمشين تحت جناح ديك‪ ،‬فمن أين جاء‪ ،‬وأي‬          ‫ناب ًشا بأظفاره الأرض‪ ،‬وهن قانعات برعاية التي‬
                                                         ‫ما بعدها رعاية لهن‪ ،‬يفعل بهن ما يشاء‪ ،‬أليست‬
     ‫قدر بعث به إلى هنا! دققت النظر‪ ،‬عندما رأتني‬       ‫الدجاجات دجاجاته! أليس هو وحده المسؤول عن‬
    ‫الدجاجة البنّية صاحت‪ ،‬تأكدت أنها هي صاحبة‬            ‫تنفيذ طلباتهن ورغباتهن وحمايتهن‪ ،‬كن يقدرن‬
‫الصوت‪ ،‬دققت النظر أكثر‪ ،‬فتأكدت أن عرفها لم يعد‬       ‫حنانه هذا وهن في كنفه‪ ،‬إلا تلك الدجاجة بنيّة اللون‪،‬‬
‫عرف دجاجة‪ ،‬فقد كبر وعلا قلي ًل فصار عرف ديك‪،‬‬           ‫كانت تريد منه حنا ًنا أكثر من صاحباتها‪ ،‬تريد أن‬
 ‫رأيته يهتز مع حركته المتبخترة بعد أن دفع صدره‬         ‫تكون محظيته المفضلة‪ ،‬وبالفعل نالت هذه ما تريد‬
    ‫للأمام‪ ،‬ما عاد هناك دجاجة بنية اللون بل دي ًكا‬     ‫من الديك‪ ،‬لأنها لم تجد من صاحباتها من تردعها‬
                                                     ‫وتوقفها عند حدها‪ ،‬وتفهمها على طريقة الدجاج‪ ،‬أن‬
                              ‫حقيقيًّا‪ ،‬بلون بني‪.‬‬
‫ربما كانت الدجاجة البنية التي حافظت على سر أنها‬                ‫الديك ديكهن جميعهن وليس لها وحدها‪.‬‬
                                                            ‫مع الأيام‪ ،‬علا الديك وارتفع وأصبح شر ًسا‬
   ‫ديك وليست دجاجة‪ ،‬لكن بوجود الديك القوي ما‬           ‫وعدوانيًّا‪ ،‬فالويل لمن يقترب من دجاجاته‪ ،‬وصار‬
             ‫أخذ فرصته فاقتنع أن يكون دجاجة!‬
                                                                    ‫يضرب بمنقاره الأطفال قبل الكبار‪.‬‬
    ‫غاب الديك الآن وتوزع لحمه بين بطون القوم‪،‬‬            ‫في يوم طلبت أمي أن أضع نهاية لشراسة ديكي‬
  ‫فالعب بعبّك أيها الديك البني‪ ،‬وصل صليل الحديد‬         ‫هذا‪ ،‬قبل أن يصل منقاره إلى عين أو حاجب أحد‬
  ‫إذا وقع بعضه فوق بعض و ُجل في حومة الميدان‪،‬‬

                     ‫اليست الدجاجات دجاجاتك؟‬
   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93