Page 204 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 204

‫العـدد ‪27‬‬         ‫‪202‬‬

                                                             ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬     ‫في تثبيت الأمر الواقع وفى‬
                                                                        ‫ترسيخ السيطرة الإسرائيلية‬
   ‫سبعين عا ًما على إنشاء‬       ‫«بزيف يحزقيل»‪ ،‬وتقول‬
  ‫إسرائيل‪ ،‬بدأت إسرائيل‬      ‫كلماتها على توالي الغناء بين‬                      ‫على مقدرات المنطقة»‪،‬‬
   ‫دولة موحدة واستمرت‬         ‫المطربين‪« :‬أنا عربي عاشق‬                    ‫و»الخطاب الراهن المناهض‬
                                                                          ‫للتطبيع ليس مفي ًدا‪ ،‬لأنه لا‬
     ‫عبر توسع وانكماش‬             ‫أوطاني‪ ،‬مؤمن بجميع‬
   ‫بسبب حروبها المتصلة‬         ‫الأديان‪ ،‬تواق لبناء كيان‪،‬‬                    ‫يقدم سوى رفض رمزي‬
                                 ‫وتعيد بنائي الأضغان‪..‬‬                       ‫(أو حتى دون الرمزي)‬
       ‫دولة موحدة‪ ،‬بينما‬                                                    ‫لأى تعاون مع إسرائيل‪،‬‬
 ‫تحولت بلدان ومجتمعات‬              ‫إلخ»‪ ،‬ويرد عليه‪« :‬أنا‬                 ‫دون أن يقدم بدي ًل إيجابيًّا‪،‬‬
   ‫عربية عريقة مثل اليمن‬         ‫يهودي‪ ،‬التوراة كتابي‪،‬‬                  ‫وبالتالي يقتصر على كونه رد‬
‫وسورية إلى كيانات مفتتة‬          ‫من نسل خليل الرحمن‪،‬‬                      ‫فعل لما يجرى على الأرض‪،‬‬
  ‫وطائفية‪ ،‬تخوض حرو ًبا‬      ‫تاريخي يوضح أنسابي‪ ،‬قد‬                         ‫أو في الحقيقة لما يتسرب‬
  ‫أهلية تزيد انقسامها ولا‬    ‫أخبر عني التبيان (القرآن)‪..‬‬                  ‫منه إعلاميًّا‪ .‬ولأنه رد فعل‬
‫تؤدي لوحدتها‪ ،‬ولعل ليس‬        ‫إلخ»‪ .‬الضجة التي صنعتها‬                      ‫عاطفي‪ ،‬فإن المهم والتافه‬
 ‫للتطبيع شأن بذلك‪ ،‬إلا في‬     ‫الأغنية لم تلتفت بديهيًّا إلى‬                  ‫يتساويان»‪ .‬بذلك وضع‬
  ‫حال أن نلجأ للتفسيرات‬       ‫نقاط أساسية ومهمة فيها‪:‬‬                    ‫الكاتب يده على الوجه الآخر‬
‫التآمرية المبتذلة التي تحيل‬    ‫النقطة الأولى أن الطرف‬                      ‫لرفض التطبيع‪ ،‬أو ظاهرة‬
   ‫شعوبنا ومجتمعاتنا إلى‬        ‫الثالث الغائب في الأغنية‬                    ‫رفض التطبيع في شكلها‬
  ‫صفر سالب في معادلات‬                                                      ‫المكارثي‪ ،‬وهو ما يمكن أن‬
                                   ‫وهو الشاعر صاحب‬                         ‫يعد بعشوائيته وغوغائيته‬
    ‫التآمر عليها! ورغم أنه‬      ‫الكلمات كان عربيًّا أي ًضا‬              ‫تطبي ًعا برفض التطبيع‪ ،‬أو أنه‬
‫ليس للتطبيع علاقة بتفتت‬        ‫ويمني الجنسية‪ ،‬لكنه ظل‬                     ‫يمثل رف ًضا لرفض التطبيع‬
  ‫وانهيار بعض المجتمعات‬      ‫مجهول الاسم بسبب إقامته‬                       ‫من خلال تسخيف موقف‬
                             ‫في منطقة من اليمن تسيطر‬                       ‫الرفض وامتهانه‪ .‬وهو ما‬
      ‫والدول العربية بعد‬      ‫عليها ميليشيات «الحوثي»‬                   ‫تأكد في الشهر الذي يليه من‬
 ‫ثورات الربيع العربي‪ ،‬إلا‬      ‫الشيعية‪ ،‬وهو ما عبر عنه‬
  ‫أن الاستخدام الانتهازي‬      ‫«الشعري» بقوله إن إعلان‬                          ‫نهاية العام في تونس‪.‬‬
                               ‫اسم الشاعر سوف يؤدي‬
       ‫للقضية الفلسطينية‬        ‫إلى أن «تتدحرج رأسه»‪،‬‬                   ‫كيف نغني لفلسطين؟‬
‫كورقة دعاية ومساومة في‬          ‫وهو تعبير ما أشد هوله‬
‫النزاعات الطائفية والدينية‬     ‫وقسوته‪ .‬جنسية الشاعر‬                        ‫بداية الحدث في تونس من‬
 ‫والحزبية له علاقة مؤكدة‬       ‫اليمنية (والعربية بالتالي)‬                    ‫أغنية صورت مشاهدها‬

        ‫بالتفتت والانهيار‪.‬‬         ‫بدت أوضح ما يكون‬                      ‫بالتزامن بين مقهى بـ»يافا»‬
       ‫النقطة الثانية‪ :‬أن‬        ‫في كلمات الأغنية عندما‬                   ‫في فلسطين المحتلة‪ ،‬ومقهى‬
  ‫الفنان الإسرائيلي «بزيف‬     ‫قالت‪« :‬تواق لبناء كياني»‪،‬‬                 ‫في «سيدي بوسعيد» بتونس‪،‬‬
   ‫يحزقيل» عربي الأصل‪،‬‬        ‫ولعل لفظ الكيان على وجه‬                    ‫مع لقطات متزامنة من دول‬
‫من أصول عراقية ومغربية‬          ‫التحديد يستدعي التعبير‬
  ‫مختلطة‪ ،‬كما أنه محبوب‬      ‫السائر على لسان مناهضي‬                        ‫عربية أخرى بينها مصر‪،‬‬
‫لدى الشعب الفلسطيني في‬       ‫التطبيع ورافضي الاعتراف‬                    ‫فيديو الأغنية «الدويتو» جمع‬
  ‫رام الله بسبب ما أداه في‬       ‫بـ»الكيان الصهيوني»‪،‬‬                    ‫بين المغني التونسي «نعمان‬
 ‫السابق من حفلات إنشاد‬                                                  ‫الشعري» والمغني الإسرائيلي‬
‫ديني في مختلف الأراضي‬              ‫بما يبرزه من مفارقة‬
      ‫الفلسطينية‪ ،‬وهو ما‬       ‫مأساوية بعد ما يزيد على‬
‫يعطي لمشاركته في الأغنية‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209