Page 205 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 205

‫‪203‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫المؤيد لحقوق الفلسطينيين‬          ‫بتفعيل تصريحه إبان‬        ‫إشارة ترجيح لرسالتها التي‬
  ‫والمتضامن مع قضيتهم‬       ‫انتخابات الرئاسة عندما أكد‬       ‫تشيد بالسلام على مستوى‬
  ‫وبين مواقف أخرى ذات‬
     ‫أبعاد عنصرية‪ ،‬سواء‬       ‫أن التطبيع خيانة عظمى‪،‬‬           ‫الأديان‪ ،‬ولا تتعرض من‬
                              ‫ناهيك عن تهديدات بالقتل‬          ‫قريب أو من بعيد لمفاهيم‬
 ‫كانت على المستوى الديني‬                                    ‫مثل التطبيع الدبلوماسي أو‬
  ‫أو القومي‪ ،‬ولعل أول ما‬        ‫والاغتيال تلقاها الفنان‬       ‫الحالة السياسية المتأزمة‪.‬‬
   ‫يتبادر لذهن كاتب هذه‬          ‫التونسي بشكل علني!‬           ‫النقطة الثالثة‪ :‬أن الفنان‬
‫السطور منها أغنية شهيرة‬      ‫النقطة الأخيرة‪ :‬تتمثل في‬        ‫التونسي «نعمان الشعري»‬
‫للفنان «عبدالحليم حافظ»‪،‬‬       ‫أنه برغم بيانات الغضب‬         ‫هو من أكثر الموزعين الذين‬
 ‫كتب كلماتها الشاعر «عبد‬      ‫النقابي (بالذات بيان أعلن‬      ‫قاموا بتلحين وتوزيع أغان‬
‫الرحمن الأبنودي»‪ ،‬وغناها‬    ‫فيه الاتحاد التونسي للشغل‬
   ‫الفنان أمام ثمانية آلاف‬       ‫عن حصار «الشعري»‬               ‫تتغنى بفلسطين وتدعم‬
‫متفرج بقاعة «ألبرت هول»‬           ‫مهد ًدا كل من يتعامل‬         ‫قضية الفلسطينيين‪ ،‬وقد‬
  ‫في لندن في أعقاب هزيمة‬      ‫معه)‪ ،‬وبرغم الحملة ضد‬            ‫أعلن أنه لم يتقاض ملي ًما‬
                               ‫الفنان التي قادتها الدولة‬     ‫في مقابلها‪ ،‬وكان من جملة‬
    ‫‪ ،١٩٦٧‬وكانت الأغنية‬       ‫التونسية نفسها وأسفرت‬
  ‫تستنفر مشاعر الكراهية‬      ‫عن إعلان «القناة الوطنية»‬           ‫تصريحاته التلفزيونية‬
                                ‫‪-‬التلفزيون الرسمي في‬          ‫والصحفية ‪-‬ذات الأصداء‬
       ‫الدينية ضد اليهود‬      ‫تونس‪ -‬عن طرد «نعمان‬             ‫القاسية على النفس أي ًضا‪-‬‬
    ‫بوصف مشهد المسيح‬        ‫الشعري» بسبب تعاونه مع‬            ‫ما قاله من قبيل‪« :‬لم أخن‬
    ‫في طريقه إلى الصليب‪،‬‬    ‫مطرب إسرائيلي‪ ،‬لم يتوقف‬         ‫القضية الفلسطينية قط»‪« ،‬لم‬
                                 ‫الكثيرون أمام الرسالة‬       ‫أغن لإسرائيل أب ًدا»‪« ،‬أردت‬
      ‫مدعمة ذلك بالقول‪:‬‬                                      ‫أن أقوم بدعوة للسلام بين‬
    ‫«خانوه نفس اليهود»!‬            ‫الأهم في تصريحات‬            ‫الأديان فقط»‪ .‬ولم تسهم‬
   ‫ولم يكن اليهود هم من‬     ‫المطرب التونسي‪ ،‬وهي تلك‬            ‫تصريحات «الشعري» إلا‬
                                                             ‫في شحن مزيد من الغضب‬
      ‫صلبوا المسيح ولكن‬        ‫المتعلقة بالمعالجة الثقافية‬   ‫ودعوات الإدانة والتحريض‬
  ‫السلطة الرومانية المحتلة‬   ‫للقضية الفلسطينية‪ ،‬يقول‬
                                                                 ‫على مساحات التواصل‬
    ‫وقتها‪ ،‬وليس للخلاف‬           ‫«الشعري» إن الأغاني‬           ‫الاجتماعي التونسية‪ ،‬بين‬
  ‫أو الاختلاف الديني بين‬          ‫المنجزة ساب ًقا لصالح‬
  ‫اليهود والمسيحيين ‪-‬ولا‬     ‫القضية كانت مجرد أغاني‬              ‫من يطالب برد فعل من‬
‫بينهم وبين المسلمين‪ -‬أي‬     ‫حماسية دون جدوى‪ ،‬أغاني‬           ‫نقابة الموسيقيين في تونس‪،‬‬
‫شأن بالقضية الفلسطينية‬      ‫برائحة الدماء ونتيجة أفكار‬
                             ‫ظلامية‪ .‬وقد قصد بتعبيره‬              ‫ومن يدعو للاحتجاج‬
           ‫بطبيعة الحال‪.‬‬      ‫ذاك أن الكثير من الأغاني‬        ‫الشعبي‪ ،‬ومن يطالب بنبذ‬
 ‫آن الأوان إذن في تقديري‬       ‫لم تكن تفرق بين الموقف‬           ‫الفنان وتشهيره وصو ًل‬
  ‫لطرح كل الأسئلة الهامة‬                                       ‫إلى إعدامه بمطالبة‪ ‬رئيس‬
‫بشجاعة وعقلانية وبدون‬                                          ‫الجمهورية‪« ‬قيس سعيد»‬

    ‫مشاعر مراهقة أو خوف‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210