Page 206 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 206

‫العـدد ‪27‬‬                             ‫‪204‬‬

                                                               ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

 ‫وتاريخ روسيا دون تفهم‬        ‫ربما جاء العنوان صاد ًما‬         ‫هل كان نجيب محفوظ من دُ عاة التطبيع؟‬
    ‫روايات تولستوي‪ ،‬ولا‬
                                  ‫للبعض‪ ،‬خصو ًصا ممن‬           ‫د‪.‬رضا عبد الرحيم‬
  ‫تستطيع أن تعرف مصر‬         ‫يعشقون أدب نجيب محفوظ‬
  ‫دون الرجوع إلى روايات‬
                               ‫مثلي‪ ،‬والذي وصل بالأدب‬
           ‫نجيب محفوظ‪.‬‬         ‫العربي الحديث إلى العالمية‬
     ‫ويخطىء من يعتقد أن‬         ‫بحصوله على جائزة نوبل‬
   ‫الهدف من المقال إلصاق‬
                                  ‫في الآداب عام ‪1988‬م‪،‬‬
       ‫تهمة التطبيع بأديب‬       ‫التي هي أم الجوائز وحلم‬
‫وروائي بحجم وقيمة نجيب‬
                                  ‫جميع المبدعين في أربعة‬
   ‫محفوظ‪ ،‬في زمن تتهافت‬         ‫أركن الدنيا‪ ،‬هي الأضواء‬
     ‫الدول العربية الكبري‬     ‫والشهرة والترجمة والثروة‬
                             ‫والانتشار‪ ،‬والجدل المتواصل‬
  ‫وتتباهي فيه بالتطبيع مع‬    ‫الذي لا يهدأ حتى إعلان اسم‬
  ‫العدو الإسرائيلى! ولست‬     ‫فائز جديد في نفس الموعد من‬
  ‫أشبه «بلعام» الذي ُتروي‬    ‫كل عام‪ .‬هي الجائزة المرغوبة‬
   ‫قصته في سفر العدد من‬          ‫والمنتظرة دائ ًما‪ ..‬الملعونة‬
‫الإنجيل في الإصحاح الثالث‬
‫والعشرين‪ .‬الذي ُدفع للعنة‬          ‫والمشبوهة والخاضعة‬
‫العدو‪ ،‬ولكن الرب لم ُينطقه‬     ‫للأهواء والمنصفة‪ ..‬أحيا ًنا‪.‬‬
                              ‫(جمال المراغي‪ ،‬أخبارالأدب‬
      ‫إلا بطلب البركة لهم!‬
  ‫ولكنها محاولة لاستنباط‬                ‫ونوبل‪2017 ،‬م)‬
 ‫ملمح من ملامح شخصية‬               ‫وفي الحقيقة أن نجيب‬
   ‫الرجل ‪-‬السلمية‪ -‬الذي‬       ‫محفوظ قد نال تقدير القراء‬
 ‫عاش راف ًضا كتابة سيرته‬         ‫قبل أن ينال تقدير النقاد‬
  ‫الذاتية‪ ،‬تلك السلمية التي‬    ‫والدارسين! أي أن أول من‬
                               ‫اكتشف محفوظ هم قراؤه‬
     ‫جعلت البعض يستنبط‬          ‫الذين أحبوه‪ ،‬وتعلقوا بما‬
     ‫ملامح شخصية كمال‬        ‫فيه من صدق وعمق وأصالة‬
   ‫عبد الجواد الشاعرية في‬         ‫فنية عالية قبل حصوله‬
     ‫الثلاثية‪ ،‬ويطابقها على‬   ‫على جائزة نوبل‪ .‬فمنذ سنة‬
  ‫شخصية نجيب محفوظ!‬             ‫‪1932‬م بدأ الكتابة وعاش‬
    ‫والتي حاولت دراسات‬           ‫من أجل أدبه كما يعيش‬
 ‫متعددة الاقتراب من حياته‬    ‫القديس من أجل رسالته‪ ،‬إنه‬
    ‫الشخصية‪ ،‬فكان لها ما‬      ‫مثل تشارلز ديكنز بالنسبة‬
  ‫تريد على مستوي محاور‬           ‫إلى الإنجليز‪ ،‬وتولستوي‬
 ‫الفكر والسياسة والمسيرة‬      ‫بالنسبة إلى الروس‪ ،‬وبلزاك‬
                                  ‫بالنسبة إلى الفرنسيين‪.‬‬
       ‫الوظيفية والعلاقات‬          ‫فنحن لا نعرف تاريخ‬
     ‫الاجتماعية نذكر منها‪:‬‬       ‫إنجلترا في القرن التاسع‬
     ‫كتاب جمال الغيطاني‬        ‫عشر دون مراجعة روايات‬
   ‫بعنوان «نجيب محفوظ‪..‬‬       ‫ديكنز‪ ،‬وتاريخ فرنسا دون‬
   ‫يتذكر»‪ ،‬الذي ربما أغنى‬        ‫استشارة روايات بلزاك‪،‬‬
 ‫نجيب محفوظ عن التفكير‬
   ‫في كتابة سيرته الذاتية!‬
   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211