Page 218 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 218

‫العـدد ‪26‬‬                               ‫‪216‬‬

                               ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬                      ‫جراحات بتر‪ ،‬ففي جيتسبرج‬
                                                                     ‫لم يكن بعض الجراحين‬
 ‫يأخذ ما يستحق من اهتمام‬             ‫أما كتاب الدكتور عابد‬          ‫يفعلون شيئًا ‪-‬من مطلع‬
 ‫من المترجمين العرب‪ ،‬وكان‬          ‫إسماعيل «أغنية نفسي»‪،‬‬
                                                                  ‫الفجر حتى زوال الشمس‪-‬‬
     ‫خلي ًقا بأن تترجم أعماله‬         ‫فترجع أهميته إلى أنه‬           ‫سوى القيام ببتر وقطع‬
  ‫الكاملة أكثر من مرة‪ ،‬ولكن‬        ‫يتضمن الترجمة الكاملة‬
                                    ‫لقصيدة «أغنية نفسي»‬          ‫أعضاء الجرحى‪ ،‬وقد أصاب‬
     ‫لعل في ترجمة س َّلم ما‬        ‫الشهيرة لوالت ويتمان‪،‬‬        ‫ويتمان الرعب مما رآه يحدث‬
    ‫يستنهض همة المترجمين‬         ‫كما يتضمن الكتاب تعري ًفا‬
‫العرب لإنجاز ترجمات أخرى‬       ‫بالقصيدة والشاعر‪ ،‬وهجو ًما‬           ‫للجرحى‪ ،‬الذين كانوا في‬
                                  ‫على سابقيه من مترجمي‬           ‫المجمل مجرد فتية لم يكادوا‬
     ‫جيدة لهذا الشاعر الفذ‪،‬‬                                      ‫يشبون عن الطوق‪ ،‬وقد كان‬
    ‫فالأعمال الأدبية الأصيلة‬          ‫ويتمان‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
  ‫تحتاج لأكثر من ترجمة في‬         ‫«أستطيع أن أزعم‪ ،‬بشيء‬           ‫أغلبهم بين السابعة عشرة‬
 ‫غير لغتها لتذوق ما فيها من‬                                      ‫والعشرين‪ ،‬حتى أن بعضهم‬
                                    ‫من التطرف‪ ،‬أن القارئ‬          ‫كان يحتفظ بمسدسه تحت‬
                  ‫جماليات‪.‬‬      ‫العربي لم يقرأ ويتمان بعد‪،‬‬
     ‫بقي أن أنوه أن بترجمة‬       ‫بالرغم من وجود أكثر من‬            ‫مخدته ليحمي أطرافه من‬
‫شاعرنا الكبير بعض الهفوات‬      ‫ترجمة معروفة لقصائده إلى‬          ‫عملية بتر لا لزوم لها‪ .‬يقول‬
     ‫التي لا تنتقص من قدر‬       ‫العربية‪ .‬فالنماذج التي أتيح‬
    ‫ترجمته الرائعة‪ ،‬وأبرزها‬     ‫لي قراءتها لا ترتقي أب ًدا إلى‬     ‫ويتمان في قصيدة «مطبب‬
    ‫أنه ذكر في صفحة ‪ 18‬أن‬      ‫مستوى النص الأصلي‪ ،‬فهي‬                             ‫الجراح»‪:‬‬
   ‫والت ويتمان كان متزو ًجا‬      ‫تعاني الكثير من التشويه‪،‬‬
 ‫من لويزا فان فيلسور‪ ،‬التي‬       ‫أو من عدم القدرة على فهم‬        ‫ومن جذع ما تبقى من ذراع‬
  ‫تنحدر من أصول «ألمانية»‪،‬‬                                                      ‫بعد بتر اليد‬
   ‫والصواب أنها تنحدر من‬           ‫المعنى العام‪ ،‬أو الخاص‪،‬‬
‫أصول «هولندية»(‪ ،)20‬كما أنه‬        ‫أو حتى الاقتراب‪ ،‬مجرد‬         ‫أفك الأربطة الملطخة بالدماء‬
 ‫أغفل ترجمة بعض السطور‬         ‫الاقتراب‪ ،‬من أسلوب ويتمان‬                   ‫وأزيل بقايا الجلد‬
  ‫من سيرة والت ويتمان لإد‬
                                                ‫الحر»(‪.)19‬‬            ‫وأغسل الصديد والدم‬
          ‫فولسوم وكينيث‪.‬‬          ‫وبالعودة إلى إنجاز س َّلم‬       ‫ويعود الجندي إلى وسادته‬
 ‫م برايس‪ ،‬وكان الأحرى أن‬
 ‫ينقلها كاملة من باب الأمانة‬        ‫للترجمة الكاملة لديوان‬             ‫يتمدد بعنقه المعقوص‬
                                    ‫«أوراق العشب»‪ ،‬تكون‬                        ‫ورأسه المائل‬
                    ‫العلمية‬        ‫ترجمته هي العمل الرائد‬
                                  ‫في تعريف القارئ العربي‬                     ‫عيناه منغلقتان‬
                               ‫بهذا الشاعر الفريد‪ ،‬الذي لم‬                   ‫ووجهه شاحب‬
                                                                ‫لا يجرؤ على النظر إلى الجذع‬

                                                                                     ‫الدامي‬
                                                                         ‫ولم يره قط بعد(‪.)18‬‬
   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223