Page 13 - m
P. 13

‫‪11‬‬  ‫افتتاحية‬

    ‫محمد لمسيح‬  ‫ميسون الشوابكة‬                        ‫قوله‪ :‬والذين هادوا والصابئون‪ ،‬فقالت‪:‬‬
                                                    ‫يا ابن أختي‪ ،‬هذا عمل ال ُك َّتاب أخطأوا في‬
         ‫أي أنه ‪-‬لو صحت الرواية‪ -‬تعامل مع‬
      ‫كتاب الله باستهتار كأي كتا ٍب عاد ٍّي‪ ،‬لأن‬                                  ‫الكتاب”‪.‬‬
       ‫التصرف الطبيعي في هذه الحالة أن يعيد‬           ‫ما يهمني في هذه الروايات الموجودة في‬
                                                     ‫أمهات كتب الأحاديث ثلاثة أمور سأشير‬
        ‫الكتاب إلى اللجنة التي نسخته‪ ،‬ويأمرها‬      ‫إليها‪ :‬الأمر الأول‪ :‬أن الروايات تنفي وجود‬
    ‫بتصويب الأخطاء‪ ،‬خاصة أنها ليست كثيرة‪،‬‬             ‫نص صارم مغلق‪ ،‬فمن شأن وجود هذا‬
                                                   ‫النص ‪-‬الذي كان النبي يراجعه مع جبريل‬
      ‫كي لا ُيترك الأمر للزمن كما أراد بالنسبة‬          ‫طول شهر رمضان من كل عام‪ -‬عدم‬
          ‫لكتاب يتعامل معه المسلمون بتقديس‬          ‫وجود لحن‪ ،‬أو أخطاء من ال ُكتَّاب‪ ،‬فالخطأ‬
                                                  ‫قد يكون وار ًدا‪ ،‬ومنطقيًّا كذلك‪ ،‬لكن المراجعة‬
    ‫يمنعهم من تقليل زخرفته‪ ،‬وإدخال علامات‬           ‫كفيلة بتصحيح هذه الأخطاء لأننا نتحدث‬
      ‫الترقيم‪ ،‬وتطوير التهجئة بإدخال حروف‬
      ‫المد –السماوات بدي ًل عن السموات‪ -‬حتى‬             ‫عن كتاب كتبه الله ذاته ويعد دستو ًرا‬
                               ‫تسهل القراءة‪.‬‬      ‫للبشرية في كل مستقبلها‪ ،‬باعتبار أن محم ًدا‬
            ‫‪ -2‬قوله “لو كان المم ِل من ُهذ ْيل‪،‬‬
       ‫والكاتب من ثقيف‪ ،‬لم يوجد فيه هذا»‪،‬‬             ‫هو النبي الخاتم‪ ،‬وإذا افترضنا احتمالية‬
       ‫يشير إلى أنه لم يختر لجنة مناسبة لأمر‬        ‫وجود الخطأ‪ ،‬من الصعب أن ُيج ِمع جميع‬
        ‫جلل كهذا‪ ،‬ولو افترضنا أنه كان حسن‬
                                                      ‫ال ُكتَّاب على الخطأ نفسه لو كان المصد ُر‬
     ‫النية‪ ،‬فإن التصرف الصحيح حين اكتشف‬                ‫صحي ًحا‪ ،‬فمث ًل‪ :‬لو أملى النبي «السميع‬
       ‫وجود لحون أن يستدعي ممليًا من هذيل‬           ‫العليم»‪ ،‬فمن الوارد أن يخطئ عبد الله بن‬
                                                  ‫أبي السرح‪ ،‬لكن الآخرين لن يخطئوا الخطأ‬
    ‫وكاتبًا من ثقيف ليقوموا بالمهمة‪ ،‬وحيث إنه‬      ‫نفسه بألفاظه ذاتها‪ ،‬إلا لو كان كات ٌب واح ٌد‬
       ‫لم يفعل‪ ،‬وتقبل وجود الأخطاء في القرآن‬       ‫هو الذي يكتب التنزيل‪ ،‬وبالتالي نستنتج أن‬
      ‫الكريم كأمر واقع‪ ،‬فهذا ما لا يمكن فهمه‪.‬‬      ‫يتفرق عند أكثر من كاتب‪ ،‬خاصة أن النبي‬

                                                         ‫توفي دون أن تكون لديه نسخة منه‪.‬‬
                                                    ‫الأمر الثاني‪ :‬أنه لو صحت رواية السيدة‬
                                                  ‫عائشة «هذا عمل ال ُكتاب أخطأوا في الكتاب»‪،‬‬

                                                       ‫فنحن نتحدث عن وجود احتمال الخطأ‬
                                                  ‫بالضبط كاحتمال الصواب‪ ،‬وأتصور أن هذا‬

                                                    ‫لا يصح في كتاب الله‪ ،‬خاصة أنه نزل على‬
                                                   ‫فترات متباعدة خلال ثلاثة وعشرين عا ًما‪،‬‬

                                                      ‫وهو ليس بالكتاب الضخم الذي تصعب‬
                                                     ‫مراجعته في هذا الوقت الطويل ج ًّدا‪ ،‬وأن‬
                                                     ‫رواية ابن أبي السرح تقول إن النبي كان‬

                                                                     ‫ينظر في المكتوب ويقره‪.‬‬
                                                    ‫أما الأمر الثالث‪ :‬فهو أعظمهم في الحقيقة‪،‬‬
                                                     ‫وهو الخاص بردة فعل عثمان على وجود‬

                                                          ‫الأخطاء‪ ،‬وهي منقسمة إلى جزءين‪:‬‬
                                                    ‫‪ -1‬أنه (رأى) الأخطاء ومررها “أرى فيه‬
                                                  ‫شي ًئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها”‪،‬‬
   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18