Page 41 - m
P. 41

‫‪39‬‬               ‫إبداع ومبدعون‬

                 ‫رؤى نقدية‬

                                                                 ‫الزعيم القائد (القذافي)‬
                                                                 ‫حقيقة لا خيا ًل‪ ،‬تعتبر هي‬

                                                                 ‫والكتاب الأخضر والنهر‬

                                                                 ‫الصناعي العظيم من بنات‬

                                                                               ‫أفكاره»‪.‬‬

                                                                 ‫ويعاود أبو جليل شرح‬

                                                                 ‫طبيعة «الصاد الشين»‬

                                                                 ‫من سكان الصحراء بين‬

                                                                 ‫مصر وليبيا‪ ،‬وأصولهم‬

                                                                 ‫وتشعباتهم القبلية‪،‬‬

                                                                 ‫وهجراتهم‪ ،‬وحرص‬

                                                                 ‫القذافي على تجنيس‬

                                                                 ‫الكثيرين منهم‪ ،‬خصو ًصا‬
                                                                 ‫مع شعوره بأنه كان‬

                                                                 ‫يستحق أن يحكم بل ًدا‬
                                                                 ‫بحجم مصر وليس‬
‫عبد الحكيم قاسم‬  ‫خيري شلبي‬                        ‫إبراهيم أصلان‬  ‫صحراء مثل ليبيا‪.‬‬

    ‫ليس ثمة حرص على تتبع أبعاد الشخصية ولا‬        ‫كما يمر سري ًعا على محطات من تاريخهم مثل‬
     ‫تاريخها‪ ،‬ولا منحها صفات بطولية‪ ،‬إنها مثل‬     ‫محاولات محمد علي لتوطينهم وتحديد حركتهم‬
‫هؤلاء المهمشين الذين يظهرون في هوامش الصور‬
‫الكبيرة‪ ،‬ولا نعرف من هم‪ .‬قد لا يبدو منهم سوى‬      ‫في الصحراء‪ ،‬والقرى التي استوطنوها في الفيوم‬

         ‫ضحكة أو ذراع أو شبح رأس في البعيد‪.‬‬       ‫والجيزة والبحيرة‪ ،‬ولا يميل إلى استعمال كلمة‬
        ‫وقد وصفهم السارد بتلك الطريقة الملائمة‬
       ‫لطبيعتهم‪ ،‬فهم ليسوا وزراء ولا أثرياء‪ ،‬ولا‬  ‫«البدو» وإنما «العرب»‪ ،‬وهي تسمية دارجة‪ .‬قد‬
    ‫أصحاب نضال كفاح عظيم‪ ،‬مجرد شخصيات‬
‫هامشية سقطت من مجتمعها‪ ،‬وكأن «الصاد شين»‬          ‫لا تنطلق بالضرورة من الفخر وإنما للإشارة إلى‬
 ‫لا يخص منطقة معينة من العالم‪ ،‬فحتى في فرنسا‬
     ‫وإيطاليا هناك «صاد شين»‪ ،‬ممن يبيتون على‬      ‫حركتهم الحرة‪ ،‬وبعدهم عن السلطة‪ ،‬وكسلهم‪،‬‬
‫الأرصفة وفي الغابات ويعيشون على طعام الكنيسة‬
                                                  ‫وعدم رغبتهم في الالتزام بعمل معين‪ ،‬والميل إلى‬
                     ‫وتجارة الجنس والمخدرات‪.‬‬
  ‫في كل مقطع ثمة حكاية ناقصة وغير مروية عن‬                       ‫السلب والنهب إن لزم الأمر‪.‬‬

    ‫شخصية ما‪ ،‬متروكة لما وراء السطور؛ فرواية‬                     ‫البطل المضاد‬
 ‫الهامش الممتد من صحراء مصر إلى سبها وسرت‬
                                                  ‫تتعمق الرواية في تتبع «الصاد شين» تلك الجنسية‬
  ‫في ليبيا‪ ،‬والهروب عبر البحر المتوسط‪ ،‬وإيطاليا‪،‬‬  ‫الغامضة‪ ،‬فهم ليسوا مصريين تما ًما‪ ،‬ليسوا ليبيين‬
   ‫وحتى فرنسا‪ ،‬كان من الطبيعي أن تمر الكاميرا‬      ‫تما ًما‪ ،‬بعضهم نجح في اكتساب الوظائف والنفوذ‬
‫بوجوه مهمشين من قلب أفريقيا وتونس والمغرب‪،‬‬        ‫والثراء‪ ،‬وعمل في الجيش الليبي نفسه‪ ،‬وبعضهم‬

     ‫وإيطاليين وبرازيليين‪ ،‬ومن دون الخوض في‬                                     ‫كان قليل الحظ‪.‬‬
          ‫تفاصيل كثيرة‪ ،‬فجميعهم «صاد شين»‪.‬‬                ‫مع إيغالها في الهامش‪ ،‬تظهر في الرواية‬
                                                      ‫شخصيات كثيرة ج ًّدا‪ ،‬عشرات النماذج من‬
‫بعض الشخصيات كان يستعاد في مقاطع مختلفة‪،‬‬               ‫رجال ونساء‪ ،‬قد يذكر الاسم مع تعريف‬
                                                         ‫مقتضب لا يزيد عن سطرين‪ ،‬أو تذكر‬

                                                               ‫الشخصية بالصفة والجنسية‪.‬‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46