Page 44 - m
P. 44

‫العـدد ‪58‬‬   ‫‪42‬‬

                                              ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

‫صبحي موسى‬

‫مفهوم الرواية والسخرية‬
‫لدى “حمدي ابو جليل”‬

‫هناك مدارس أخرى قام حمدي بعمل دراسات تكميلية فيها أو من خلالها‪،‬‬

‫وهي مدارس أجنبية أو مترجمة‪ ،‬في مقدمتها دون كيخوتة التي كان‬

‫يعتبرها بمثابة النص المؤسس لفكرة السخرية وليس الرواية فقط‪.‬‬

‫وهناك كونديرا الذي آمن به حمدى أكثر مما آمن بنجيب محفوظ الذي‬

‫حصل على جائزته‪ ،‬معتب ًرا أن كونديرا كان يسعى لمواجهة البعبع‬
‫الكامن في داخل الإنسان وهو غرائزه‪ ،‬ومن ثم كان حمدي راغ ًبا بجرأة‬
‫مدهشة على إنتاج نص يواجه فيه هذا البعبع‪ ،‬ساع ًيا لتصفية مشاعره‪،‬‬
‫وقول الحقيقة الخالصة‪ ،‬الحقيقة العارية تما ًما حتى لو واجه كل أفراد‬
‫جماعته‪.‬‬

   ‫فمن المعروف أن حمدي تخرج من مدرستين‬        ‫كنا في «ليلة حب حمدي أبو جليل» التي نظمتها‬
   ‫مصريتين كبيرتين في السخرية‪ ،‬هما مدرسة‬
 ‫محمد مستجاب التي التحق بها فور مجيئه إلى‬      ‫دار الشروق مع أسرة الكاتب وبعض الأصدقاء‬
  ‫القاهرة‪ ،‬وهي مدرسة تشبه جلباب مستجاب‬          ‫في قاعة قنصلية بوسط البلد‪ .‬طلبت الكلمة كي‬
‫الواسع الكبير‪ ،‬وملامحه الضخمة غير المتناسقة‬      ‫أتكلم عن أمرين مهمين لدى حمدي ولدى أي‬
 ‫لكنها لا تخلو من محبة ولين وود‪ ،‬ومستجاب‬       ‫كاتب في العموم‪ .‬لكن كعادة في الندوات الكبيرة‬
‫كغيره من الساخرين العظماء استخدم السخرية‬             ‫تكون مايكات الجمهور مشوشة ومفسدة‬
                                                   ‫لأي فكرة‪ ،‬مما يجعل الناس تعيش في حالة‬
     ‫لتبيان مكان الذات من العالم‪ ،‬ومن ثم كان‬     ‫من الفوضى والاكتفاء بالنفس أو النميمة على‬
‫يصنع الأسطورة ويترك داخلها الثغرات الكفيلة‬                                          ‫الآخرين‪.‬‬
                                                    ‫الفكرتان اللتان أردت طرحمها هما مفهوم‬
    ‫بهدمها‪ ،‬فمهمة الثغرات في النصوص ليست‬           ‫الرواية لدى حمدي أبو جليل ورؤيته لدور‬
      ‫استكمال التنويم المغناطيسي لدى القارئ‬                              ‫السخرية في الكتابة‪.‬‬
     ‫ولكن وخزه وتنبيهه‪ ،‬بما يفسد الأسطورة‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49