Page 49 - m
P. 49
47 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
يدور في ذهن الشخصيات ،وحتى لا يجعلنا نتعجب روايات عالمية ومصرية وأفلام أي ًضا.
من معرفته بأبعاد السرد عن شخصياته نراه يلجأ كما ظهرت ثقافته في تحليله لكلمة «كوفتس»
المصاحبة لشخصية عادل أحد ساكني البيت ،فقد
إلى حيلة مضمونها أنه يشتري المعرفة ،فقد كان كانت ديانته مسيحية على عكس باقي السكان ،وبدأ
سيف يمده بالمعرفة عن أهل البيت رقم 36في مقابل السارد يرجع هذه الكلمة إلى أصلها الإنجليزي
إقراضه مبل ًغا من المال ،وسيف هذا أحد ساكني هذا والفرنسي متوص ًل إلى أنها تعني القبط أو إيجبت،
ومعرفته التاريخية ،حينما شبه في (ص)68
البيت ،فهو ابن أبو جمال صاحب البيت. العائلة بالإمبراطوريات الشرقية ،من حيث الميلاد
وما يلفت النظر بقوة في سرد هذا السارد هو التداعي فالازدهار ثم الاضمحلال على نحو يذكرنا بمقدمة
ابن خلدون وما بثه فيها من فلسفته في قيام وانهيار
السردي الذي نراه بكثرة عبر الكتل السردية ،ففي
(ص )65حينما يتناول أم جمال بالسرد يرتد بأثر الإمبراطوريات.
من التداعي السردي إلى تاريخها .كما ظهرالتداعي كما ظهرت معرفته بالأمثال البدوية ،وهنا ينهض
السردي في الربط بين «نقاوة» والدة أم جمال التي الهامش بالإشارة إلى أن ما يقوله هو مثل بدوي ،فقد
قتلت ابنتيها وهما مولودتان ،و»نقاوة» زوجة جد جاء في (ص« )23مشية لبعرة يوم الريح» ويكتب في
السارد صقر التي قتلت أولاد زوجها من ضرتها
بالمخيط في رأس كل واحد منهم حينما يولد ،وتركت الهامش «مثل بدوي».
الأخير «عيسى» لأنها كانت تحج مع زوجها ،ولكنها وقد بدا من صفات السارد في بعض الأحيان عدم
اعترفت بقتلها أولاده فقتلها على الفور ،وكان تشابه معرفته بالحدث الذي يسرده ،أو الشك فيه ،على
نحو ما نجد مث ًل من قصة عادل ،فقد ذكر سبب
الاسمين هو السبب في هذا التداعي السردي. تركه لنجعه في الصعيد (ص )89بأنه أوقع القلة على
وحين غاب سيف أحد أبناء أبو جمال ،وأخبرت رأس شيخ الزاوية الذي بنى زاوية للصلاة بعي ًدا
زوجته باختفائه عاد مرة ثانية وقال كنت عند عن العمران وسط الحقول الممتدة ،وكان يربط القلة
جدتي /قبرها أبكي بجانبها ،وهنا يتدخل السارد في سقف الزاوية وينام تحتها ،وحينما ذهب الأولاد
ليحكي معلومات عن «نقاوة» والدة أم جمال وحبها ليرووا عطشهم القاتل في نهار شديد القيظ ،وبعدما
لأحفادها باعتبارهم تعوي ًضا عن فشلها في إنجاب أنهكهم اللعب ،ومعهم عادل ،سقطت القلة من يده على
رأس الشيخ فقتله دون قصد ،ولكن السارد لا يلبث
ولد. أن يتراجع عن سرده ويعود ليذكر حقيقة أن حادث
ويحدث التداعي السردي أثناء الكلام عن سيف، القلة التي سقطت على رأس الشيخ عطوة من يد عادل
فيتلمس السارد وجه شبه بينه من ناحية وبين أبيه،
أي والد السارد ،من ناحية أخرى ،فتتداعى في ذهنه وقتلته لم يحدث منه شيء.
ومن هنا يظهر السارد بأنه
كيفية موت أبيه. غير عليم بالحقيقة ،وقد حدث
ويظهر التداعي السردي أي ًضا ذلك كثي ًرا على نحو ما نجد في
حينما ينقل لنا السارد المشارك (ص )94من عدم معرفته على
ما دار في ذهن عادل (ص)97 وجه الدقة مؤهل عادل ،وهل
هو معهد فني تجاري أم ثانوية
حينما بحث في ذاكرته عن
بطولات لوالده تقابل بطولات عامة.
والد أبو جمال التي كان يعددها وعلى الرغم من أن تقنية السارد
أبو جمال وهو جالس مع عادل
أمام البيت ،وكان هدف عادل المشارك تجعله في الكثير من
من ذلك ليس حكيها لأبي جمال، الكتل السردية سار ًدا غير
وإنما هو حفظ اتزانه النفسي، عليم ،فإنه أحيا ًنا يعرف ما
فيأتي السرد عن والده فوزي
صاحب الأعمال المتعددة في قريته