Page 47 - m
P. 47
45 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
ولكن بذاته هو،
سواء في القاهرة
أو في نجوع قبيلته
أو في سفره لروما
وباريس ،وتأتي بعد
الذات مباشرة العائلة
أو القبيلة بوصفهما
الذات الجماعية ،ومن
ثم رأى أن الرواية
هي كتابة الذات،
وأنها حين بدأت كانت
عن الذات وتحليلها
لرؤيتها لنفسها
في هذا العالم ،فطه
حسين كتب الأيام عن
سرفانتس نجيب محفوظ ميلان كونديرا ذاته وتوفيق الحكيم
كتب عصفور من
الشرق عن ذاته ،أما
قبيلة عك اليمانية في طريقهم إلى الكعبة عبدان نجيب محفوظ فقد كتب رادوبيس والقاهرة ٣٠
أسودان يلقبان بالغرابين ،يرددان نحن غرابا
والثلاثية وغيرها ،وأخرج الرواية عما أتت من
عك ..عك اليمانية ..جئنا إليك نحج ..حجتنا
الثانية ،وقد استقى حمدى من هذا النشيد عنوان أجله وهو تامل الذات وفعلها.
كتابه الذي أراد فيه تنقيح السيرة والتاريخ وبغض النظر عن اختلافنا او اتفاقنا معه في
العربي في صدر الإسلام من الأساطير التي
تخللته ،ومن ثم غيَّر كلمة «غرابا» إلى كلمة فكرته هذه ،الا انها كانت الفكرة الكاشفة عن
ضحايا ،ليحدث هذا التغيير انزيا ًحا في المعنى،
فتصبح دلالته أننا ضحايا ما حدث من عك في رؤيته لفكرة الرواية والغرض منها ،وان فلسفته
تاريخ الأحداث التي جرت ،ومن ثم أخذ على
عاتقه نقد الأسطورة ،أو استعادة منطق ابن سواء في الكتابة او السخرية تتمحور حول الذات
خلدون في قياس الشاهد على الغائب ،وإعادة
موضعة الذات في مكانها الصحيح من العالم وكشف أغوارها ،وهو ما حاولا جاهدا وصادقا
والمزعوم أو المتخيل .وهو ما سعى لعمله في
انشغاله بالتنوير خلال العقد الماضي ،حيث رغب القيام به.
في وضع التراث العربي والإسلامي في موضعه
الطبيعي والمنطقي من العالم والقدرة البشرية فكرة أخيرة توحيها لنا عناوين الروايات لدى
والمقبول إنسانيًّا ،وليس مجرد فنتازيا وأساطير
حمدي أبو جليل ،فدائما يختار عناوين تحمل
لا يقبلها المنطق
نو ًعا من التورية ،أو لها مستويان من القراءة،
فلصوص متقاعدون ليس بمعنى لصوص
اعتزلوا السرقة ،ولكنه يعني أناس كسالى وقوة
بشرية فائضة عن الحاجة تعيش على أجساد
غيرها ،والفاعل ليس عامل التراحيل لكنه البناء
أو العصامي ،والصاد شين ليست مجرد حروف
لكنها الصحراء الشرقية لليبيا ،أو أنها الشعب
الليبي في الصحراء الشرقية.
أما «نحن ضحايا عك» فهو العنوان المأخوذ من
النشيد الذي لحنه بليغ حمدي ،حيث يتقدم وفد